(سورة السجدة)
(أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ * أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ)(1).
روى الزرندي باسناده عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: «نزلت هذه الآية (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ) في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة. وقال ابن عباس: قال الوليد بن عقبة لعلي: أنا احدّ منك سناناً وابسط منك لساناً واملأ حشواً للكتيبة منك، فقال له علي رضي الله عنه: انّما أنت فاسق فنزلت (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ) يعني بالمؤمن علي بن أبي طالب وبالفاسق الوليد بن عقبة»(2).
روى الحاكم الحسكاني باسناده عن عطاء بن يسار قال: «نزلت سورة السجدة بمكة، إلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة في علي والوليد بن عقبة، وكان بينهما كلام فقال الوليد: أنا ابسط منك لساناً وأحدّ سناناً، فقال علي: اسكت فانك فاسق فأنزل الله فيهما: (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً) إلى آخر الآيات»(3).
أقول: رواه أئمة الحديث والمفسرون في مسانيدهم وتفاسيرهم كابن المغازلي في مناقب علي بن أبي طالب ص324 رقم /370 و371. السيوطي في الدر المنثور ج5 ص178 وقال: اخرج أبو الفرج الاصبهاني في الأغاني، والواحدي وابن عدي وابن مردويه، والخطيب، وابن عساكر من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وقال شرف الدين: ذكر أبو مخنف رحمه الله انه جرى عند معاويـة بين الحسن بن علي صلوات الله عليهما وبين الفاسق الوليد بن عقبة كلام، فقال له الحسن عليه السلام: لا الومك أن تسبّ علياً وقد جلدك في الخمر ثمانين سوطاً، وقتل اباك صبراً مع رسول الله صلّى الله عليه وآله في يوم بدر وقد سماه الله عزّوجل في غير آية مؤمناً وسماك فاسقاً(4).
(وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)(5).
روى الحاكم الحسكاني باسناده عن ابن عباس في قول الله تعالى: (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً) قال: «نزلت هذه الآية في علي يعني كان علي مصدقاً بوحدانيتي (كَمَن كَانَ فَاسِقاً) يعني الوليد بن عقبة بن أبي معيط. وفي قوله: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا) قال جعل الله لبني اسرائيل بعد موت هارون وموسى، من ولد هارون سبعة من الأئمة كذلك جعل من ولد علي سبعة من الأئمة، ثم اختار بعد السبعة من ولد هارون خمسة فجعلهم تمام الاثني عشر نقيباً كما اختار بعد السبعة من ولد علي خمسة فجعلهم تمام الاثني عشر»(6)(وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا) قال: «نزلت في ولد فاطمة خاصة، جعل الله منهم أئمة يهدون بأمره»(7).
وقال القمي: كان في علم الله أنهم يصبرون على ما يصيبهم فجعلهم أئمة.
وروى عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهم السلام قال: الأئمة في كتاب الله امامان امام عدل وامام جور قال الله (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا) لا بأمر الناس يقدّمون أمر الله قبل أمرهم وحكم الله قبل حكمهم قال: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ)(8) يقدّمون أمرهم قبل أمر الله وحكمهم قبل حكم الله ويأخذون بأهوائهم خلافاً لما في كتاب الله(9).
(1) سورة السجدة: 18/20.
(2) نظم درر السمطين ص92، ورواه الحبري الكوفي في ما نزل من القرآن في أهل البيت ص69، وفرات الكوفي: في تفسيره ص120.
(3) شواهد التنزيل ج1 ص452، ورواه عن ابن عباس أيضاً .
(4) تأويل الآيات الظاهرة ص246.
(5) سورة السجدة: 24.
(6) شواهد التنزيل ج1 ص454 ص455 رقم /626/625.
(7) شواهد التنزيل ج1 ص454 ص455 رقم /626/625.
(8) سورة القصص: 41.
(9) تفسير القمي ج2 ص170.