(سورة الزخرف)
(وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)(1).
روى القندوزي باسناده عن علي بن الحسين عن أبيه عن جده أميرالمؤمنين علي عليهم السّلام، قال: «فينا نزل قول الله عزّوجل (وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) اي جعل الامامة في عقب الحسين إلى يوم القيامة»(2).
روى السيد البحراني باسناده عن مفضل بن عمر، عن الصادق عليه السلام قال المفضّل فقلت يا بن رسول الله، فأخبرني عن قول الله (وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ) قال يعني بذلك الامامة جعلها في عقب الحسين إلى يوم القيامة»(3).
وروى باسناده عن أبي هريرة، قال سألت رسول الله عن قوله عزّوجل (وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ) قال جعل الائمة في عقب الحسين يخرج من صلبه تسعة من الائمة ومنهم مهدي هذه الامة. ثم قال لو ان رجلا ظعن بين الركن والمقام ثم لقي الله مبغضاً لأهل بيتي دخل النار(4).
وروى عنه بهذا الاسناد، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. اني تارك فيكم الثقلين احدهما كتاب الله عزّوجل من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على الضلالة. ثم أهل بيتي اذكر كم في أهل بيتي ـ ثلاث مرات ـ فقلت لأبي هريرة: فمن أهل بيته نساؤه؟ قال: لا أهل بيته اصله وعصبته وهم الائمة الاثنا عشر الذين ذكرهم الله في قوله: (وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ)(5).
(فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ * أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِم مُّقْتَدِرُونَ * فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاط مُّسْتَقِيم * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ)(6).
روى السيوطي باسناده عن جابر بن عبد الله عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في قوله (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ): نزلت في علي بن أبي طالب، انه ينتقم من الناكثين والقاسطين بعدي»(7).
روى الحاكم الحسكاني باسناده عن جابر بن عبد الله قال: «اني لأدناهم من رسول الله في حجة الوداع بمنى حين قال: لا ألفينكم ترجعون بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، وأيم الله لئن فعلتموها لتعرفنني في الكتيبة التي تضاربكم، ثم التفت إلى خلفه فقال: أو علي أو علي ـ ثلاثاً ـ فرأينا ان جبرئيل غمزه وأنزل الله على أثر ذلك (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ) بعلي بن أبي طالب (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ) من أمر علي (إِنَّكَ عَلَى صِرَاط مُّسْتَقِيم) وان علياً لعلم للساعة (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) عن محبة علي بن أبي طالب»(8).
وروى باسناده عن جابر بن عبد الله في قول الله تعالى: (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ) قال: بعلي بن أبي طالب عليه السّلام»(9).
قال شرف الدين: «معناه انّا إذا ذهبنا بك وتوفيناك فانا ننتقم من امتك من بعدك لان الله سبحانه أمن امته من عذاب الاستيصال لقوله تعالى: (وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ)(10) ولما آمنهم من الانتقام في حياته توعّدهم بالانتقام بعد وفاته على يد وصيه لأنه قال له: يا علي انك تقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل، وانك تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين»(11).
اقول: روى البحراني في غاية المرام حول هذه الآيه من طريق العامة ثلاثة احاديث ومن الخاصة أحد عشر حديثاً.
(وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ)(12).
روى الحاكم الحسكاني باسناده عن علقمة والأسود عن ابن مسعود، قال: «قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لما أسري بي إلى السماء إذا ملك قد أتاني فقال لي: يا محمّد سل من أرسلنا من قبلك من رسلنا على ما بعثوا؟ قلت: معاشر الرسل والنبيين على ما بعثكم الله قالوا: على ولايتك يا محمّد وولاية علي»(13).
روى محمّد بن رستم عن ابن مسعود قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «أتاني ملك فقال: يا محمّد: سل من أرسلنا من قبلك على ما بعثوا، قلت على ما بعثوا؟ قال: على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب»(14).
اقول: روى البحراني في غاية المرام حول هذه الآية من طريق العامة ثلاثة احاديث، ومن الخاصة ستة احاديث.
وقال العلامة الحلي: وهذا صريح في ثبوت الامامة لعلي عليه السلام(15).
(وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ)(16).
روى الزرندي باسناده عن ربيعة بن ماجد، قال: «سمعت علياً يقول في نزلت هذه الآية (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ)»(17).
روى السيد شهاب الدين أحمد بسنده عن الاصبغ عن أميرالمؤمنين علي عليه السّلام، قال: قال النبي صلّى الله عليه وآله وبارك وسلّم: ان فيك مثلا من عيسى أحبّه قوم فهلكوا فيه، وابغضه قوم فهلكوا فيه، فقال المنافقون: اما رضي له مثلا الا عيسى فنزلت: (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ)(18).
روى المتقي باسناده عن علي قال: «جئت ورسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في ملأ من قريش فنظر اليّ، وقال: يا علي: انّما مثلك في هذه الأمه كمثل عيسى بن مريم احبه قومه فأفرطوا فيه فضج الملأ الذين عنده وقالوا: يشبه ابن عمه بعيسى فأنزل القرآن (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ)»(19).
روى الحاكم الحسكاني باسناده عن علي قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في حلقة من قريش فاطلعت عليهم فقال لي رسول الله: ما شبهك في هذه الأمة الاّ عيسى بن مريم في أمته احبّه قوم فافرطوا فيه حتى وضعوه حيث لم يكن، فتضاحكوا وتغامزوا وقالوا: شبّه ابن عمه بعيسى بن مريم، قال: فنزلت (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ)(20).
وروى باسناده عن محمّد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لعلي: ان فيك لخصلتين كانتا في عيسى بن مريم فقال بعض اصحابه حتى النبيين شبههم به، قال علي: وما الخصلتان قال: احبّت النصارى عيسى حتى هلكوا فيه، وابغضته اليهود حتى هلكوا فيه، وابغضك رجل حتى هلك فيك، واحبّك رجل حتى يهلك فيك، فبلغ ذلك اناساً من قريش، واناساً من المنافقين فقالوا: كيف يكوف هذا جعله مثلا لعيسى بن مريم؟ فأنزل الله تعالى: (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ)(21).
اقول: روى البحراني في غاية المرام في تفسير هذه الآية من طريق العامة ثلاثة عشر حديثاً، ومن الخاصة سبعة عشر حديثاً.
(1) سورة الزخرف: 28.
(2) ينابيع المودة الباب التاسع والثلاثون ص117.
(3 و2) البرهان ج4 ص138 رقم 3 وص140 رقم /9/10.
(5) نفس المصدر السابق.
(6) سورة الزخرف 41ـ44.
(7) الدر المنثور ج6 ص18.
(8) شواهد التنزيل ج2 ص152 رقم /851.
(9) المصدر ص153 رقم /852، ورواه ابن المغازلي في مناقب علي ص274 رقم /321 وص320 رقم /366.
(10) سورة الانفال: 33.
(11) تأويل الآيات الظاهرة ص314.
(12) سورة الزخرف: 45.
(13) شواهد التنزيل ج2 ص158 رقم /857.
(14) تحفة المحبين بمناقب الخلفاء الراشدين ص183، ورواه الخوارزمي في المناقب الفصل التاسع عشر ص221.
(15) منهاج الكرامة البرهان التاسع عشر.
(16) سورة الزخرف: 57.
(17) نظم درر السمطين ص92، ورواه المتقي في منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج2 ص13.
(18) توضيح الدلائل في تصحيح الفضائل ص329 مخطوط.
(19) منتخب كنز العمال بامش منسد أحمد ج2 ص13.
(20) شواهد التنزيل ج2 ص160 رقم /861.
(21) المصدر ص165، رقم /868.