(سورة الحجرات)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)(1).
روى شرف الدين باسناده عن ابن عباس قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله ان الله عزّوجل جعل الخلق قسمين فجعلني في خيرهم قسماً، وذلك قوله (وَأَصْحَابُ الَْيمِينِ مَا أَصْحَابُ الَْيمِينِ) وأنا خير اصحاب اليمين، ثم جعل القسمين أثلاثاً فجعلني في خيرها ثلثا، وذلك قوله: (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ)(2) فانا من السابقين وأنا خير السابقين، ثم جعل الأثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة وذلك قوله: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) فانا أتقى ولد آدم، ولا فخر، ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني في خيرها بيتاً، وذلك قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(3) فانا وأهل بيتي مطهرون من الرجس والذنوب»(4).
روى المحدث البحراني باسناده عن سلمان الفارسي، قال دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في مرضه الذي قبض فيه، فجلست بين يديه وسألته عما يجد وقمت لأخرج، فقال لي اجلس يا سلمان فيستشهدك الله عزّوجل امراً انه لمن خير الأمور، فجلست فبينا أنا كذلك اذ دخل عليه رجال من أهل بيته، ورجال من اصحابه، ودخلت فاطمة ابنته فيمن دخل، فلما رأت ما برسول الله من الضعف خنقتها العبرة، حتى فاض دمعها على خدها، فابصر ذلك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال ما يبكيك يا بنية اقر الله عينك ولا ابكاك؟ قالت وكيف لا ابكي وأنا ارى ما بك من الضعف قال لها يا فاطمة توكلي على الله، واصبري كما صبر آبائك من الانبياء وامهاتك من ازواجهم، الاّ أبشرك يا فاطمة؟ قالت بلى يا نبي الله أو قالت يا ابه، قال اما علمت ان الله تعالى اختار اباك فجعله نبياً، وبعثه إلى كافة الخلق رسولا، ثم اختار علياً فأمرني فزوجتك اياه، واتخذته بأمر ربي وزيراً ووصياً. يا فاطمة ان علياً اعظم المسلمين على المسلمين بعدي حقاً، واقدمهم سلماً واعظمهم علماً، واحلمهم حلماً، واثبتهم في الميزان قدراً. فاستبشرت فاطمة عليها السلام فاقبل عليها رسول الله، فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: هل سررتك يا فاطمة؟ قالت نعم يا ابه، قال: افلا ازيدك في بعلك وابن عمك من مزيد الخير وفواضله؟ قالت بلى يا نبي الله، قال: ان علياً عليه السلام أول من آمن بالله عزّوجل ورسوله من هذه الأمة، وهو وخديجة امك أول من وازراني على ما جئت به، يا فاطمة ان علياً أخي وصفيي وأبو ولدي، ان علياً أعطي خصالا من الخير لا يعطها أحد قبلي ولا يعطها أحد بعده، فأحسني عزاك واعلمي ان اباك لاحق بالله عزّوجل، قالت: يا ابة قد سررتني وأحزنتني، قال: كذلك ـ يا بنية ـ أمور الدنيا يشوب سرورها حزنها، وصفوها كدرها، افلا ازيدك يا بنية؟ قالت بلى يا رسول الله، قال: ان الله تعالى خلق الخلق فجعلهم قسمين، فجعلني وعلياً في خيرها قسماً، وذلك قوله عزّوجل (وَأَصْحَابُ الَْيمِينِ مَا أَصْحَابُ الَْيمِينِ)(5) ثم جعل القسمين قبائل فجعلنا في خيرها قبيلة، وذلك قوله عزّوجل: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) ثم جعل القبائل بيوتاً وجعلنا في خيرها بيتاً في قوله سبحانه: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ثم ان الله تعالى اختارني من أهل بيتي واختار علياً والحسن والحسين، واختارك، فانا سيد ولد آدم، وعلي سيد العرب، وأنت سيدة النساء، والحسن والحسين سيداً شباب أهل الجنة، ومن ذريتك المهدي يملأ الأرض عدلا كما ملئت من قبله جوراً»(6).
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)(7).
روى الحاكم الحسكاني باسناده عن ابن عباس في قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا) قال: يعني صدقوا بالله ورسوله، ثم لم يشكوا في ايمانهم، نزلت في علي بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب وجعفر الطيار، ثم قال: (وَجَاهَدُوا) الاعداء (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) في طاعته (بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)يعني في ايمانهم فشهد الله لهم بالصدق والوفاء(8).
روى المحدث البحراني باسناده عن ابن عباس انه قال في قول الله عزّوجل: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) قال ابن عباس ذهب علي بشرفها وفضلها(9).
(1) سورة الحجرات: 13.
(2) سورة الواقعة: 8ـ10.
(3) سورة الاحزاب: 33.
(4) تأويل الآيات الظاهرة ص347 مخطوط، ورواه الطبرسي في مجمع البيان ج9 ص138 والمحدث البحراني في البرهان ج4 ص211 رقم /4 والحويزي في نور الثقلين ج5 ص97 رقم /78.
(5) سورة الواقعة: 27.
(6) البرهان ج4 ص211 رقم /6.
(7) سورة الحجرات: 15.
(8) شواهد التنزيل ج2 ص187 رقم /893.
(9) البرهان ج4 ص215 رقم 1.