(سورة الحج)
(هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّار يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ)(1).
روى البخاري باسناده عن قيس بن عبادة عن أبي ذر رضي الله عنه «انّه كان يقسم فيها انه هذه الآية (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) نزلت في حمزة وصاحبيه وعتبة وصاحبيه يوم برزوا في بدر»(2).
وروى ابن المغازلي باسناده عن يونس بن حبيب قال: «سألت مجاهداً فقال: سألت ابن عباس فقال: نزلت هذه الثلاثة الآيات بالمدينة (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) في حمزة، وعبيدة، وعلي، وعتبة، وشيبة، والوليد»(3).
وروى السيوطي باسناده عن ابن عباس قال: لما بارز علي وحمزة، وعبيدة وعتبة، وشيبة، والوليد قالوا لهم: تكلموا نعرفكم، قال: أنا علي وهذا حمزة وهذا عبيدة، فقالوا: اكفاء كرام فقال علي: ادعوكم إلى الله والى رسوله فقال عتبة هلم للمبارزة، فبارز علي شيبة، فلم يلبث ان قتله، وبارز حمزة عتبة فقتله، وبارز عبيدة الوليد فصعب عليه فأتى علي فقتله: فأنزل الله (هَذَانِ خَصْمَانِ) الآية(4).
وقال السيوطي: أخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال: لما التقوا يوم بدر قال لهم عتبة بن ربيعة: لا تقتلوا هذا الرجل فانه ان يكن صادقاً فأنتم اسعد الناس بصدقه وان يكن كاذباً فانتم أحق من حقن دمه. فقال أبو جهل بن هشام: لقد امتلأت رعباً فقال عتبة: ستعلم اينا الجبان المفسد لقومه، قال فبرز عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة فنادوا النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه فقالوا: ابعث الينا أكفاءنا نقاتلهم فوثب غلمة من الأنصار من بني الخزرج، فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اجلسوا، قوموا يا بني هاشم، فقام حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث فبرزوا لهم، فقال عتبة تكلموا نعرفكم ان تكونوا اكفاءنا قاتلناكم، قال حمزة أنا حمزة بن عبد المطلب أنا أسد الله وأسد رسوله، فقال عتبة كفء كريم، فقال علي: أنا علي بن أبي طالب، فقال: كفء كريم، فقال عبيدة: أنا عبيدة بن الحارث فقال عتبة: كفء كريم، فأخذ حمزة شيبة بن ربيعة وأخذ علي بن أبي طالب عتبة بن ربيعة وأخذ عبيدة الوليد، فاما حمزة فاجاز على شيبة، وأما علي فاختلفا ضربتين فاقام فاجاز على عتبة، وأما عبيدة فاصيبت رجله قال فرجع هؤلاء، وقتل هؤلاء فنادى أبو جهل واصحابه لنا العزى ولا عزّى لكم، فنادى منادي النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ان قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار فأنزل الله (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) الآية(5).
قال ابن الاثير… اختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين كلاهما قد أثبت صاحبه، وكرّ حمزة وعلي على عتبة فقتلاه، واحتملا عبيدة إلى أصحابه وقد قطعت رجله، فلما أتوا به النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: ألست شهيداً يا رسول الله؟ قال: بلى، قال: لو رآني أبو طالب لعلم [أننا] احق منه بقوله:
ونسلمه حتى نصرع حوله *** ونذهل عن أبنائنا والحلائل
ثم مات(6).
اقول: روى البحراني في غاية المرام حول هذه الآية من طريق العامة خمسة أحاديث ومن الخاصة ايضاً خمسة احاديث.
(إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَب وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ)(7).
روى الحاكم الحسكاني باسناده عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جده في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا) الى قوله (صِرَاطِ الْحَمِيدِ)، قال: ذاك علي وحمزة وعبيدة بن الحارث وسلمان وأبو ذر والمقداد»(8).
وروى الحبري الكوفي باسناده عن ابن عباس في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) إلى قوله (وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ)، في علي وحمزة وعبيدة(9).
وروى الحويزي باسناده عن أبي عبد الله في قوله، (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ)، قال: ذاك حمزة، وجعفر، وعبيدة، وسلمان، وأبو ذر، والمقداد بن الأسود، وعمّار، هدوا إلى أميرالمؤمنين(10).
(وَلِكُلِّ أُمَّة جَعَلْنَا مَنسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الاَْنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الُْمخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاَةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)(11).
روى الحاكم الحسكاني باسناده عن ابن عباس في قوله تعالى: (وَبَشِّرِ الُْمخْبِتِينَ)قال: «نزلت في علي»(12).
روى السيد البحراني عن عيسى بن داود، قال موسى بن جعفر عليهما السّلام سألت أبي عن قوله تعالى: (وَبَشِّرِ الُْمخْبِتِينَ) قال: نزلت فينا خاصة(13).
(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)(14).
روى الحاكم الحسكاني باسناده عن زيد بن علي انه قرأ (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) الآية، وقال: «نزلت فينا»(15).
قال علي بن إبراهيم: نزلت في علي وجعفر، وحمزة، ثم جرت»(16).
قال الطبرسي: كان المشركون يؤذون المسلمين ولا يزال يجيء مشجوج ومضروب الى رسول الله ويشكون ذلك إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فيقول لهم صلوات الله عليه وآله: اصبروا فاني لم أومر بالقتال حتى هاجر، فأنزل الله عليه هذه الآية بالمدينة وهي أول آية نزلت في القتال(17).
(الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ)(18).
روى الحاكم الحسكاني باسناده عن محمّد بن زيد عن أبيه، قال: «سألت أبا جعفر محمّد بن علي فقلت له: (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقّ) قال: «نزلت في علي، وحمزة، وجعفر، ثم جرت في الحسين عليهم السّلام»(19).
وقال علي بن إبراهيم (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقّ) قال: «الحسين حين طلبه يزيد لعنه الله يحمله إلى الشام، فهرب إلى الكوفة وقتل بالطف(20).
(الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الاَْرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الاُْمُورِ)(21).
روى الحاكم الحسكاني باسناده عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالى: (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الاَْرْضِ) الآية قال: «فينا والله نزلت هذه الآية»(22).
وروى باسناده عن أبي خليفة قال: «دخلت أنا وأبو عبيدة الحذاء على أبي جعفر فقال: يا جارية هلمي بمرفقة، قلت: بل نجلس، قال: يا أبا خليفة لا ترد الكرامة، ان الكرامة لا يردها الاحمار، فقلت له: كيف لنا بصاحب هذا الأمر حتى نعرفه؟ فقال قول الله تعالى: (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الاَْرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ) إذا رأيت هذا الرجل .
وروى باسناده عن زيد بن علي قال: إذا قام القائم من آل محمّد يقول: يا أيّها الناس نحن الذين وعدكم الله في كتابه: (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الاَْرْضِ) الآية(23).
(1) سورة الحج: 19.
(2) صحيح ج6 كتاب التفسير. سورة الحج ص123 صحيح مسلم ج4 ص2323 وانظر المستدرك ج2 ص386 مع فرق، والذهبي في تلخيص المستدرك، وقال: صحيح، الدر المنثور ج4 ص348 ومشكل الآثار ج2 ص268.
(3) مناقب علي بن أبي طالب عليه السّلام ص264 رقم /311.
(4) الدر المنثور ج4 ص348.
(5) الدر المنثور ج4 ص348، وانظر الطبري ج2 ص424 .
(6) الكامل ج2 ص125.
(7) سورة الحج: 23ـ24.
(8) شواهد التنزيل ج1 ص395 رقم /546.
(9) ما نزل من القرآن في أهل البيت ص67.
(10) تفسير نور الثقلين ج3 ص480 رقم /38.
(11) سورة الحج: 35.
(12) شواهد التنزيل ج1 ص397 رقم /550.
(13) البرهان في تفسير القرآن ج3 ص92 رقم 1.
(14) سورة الحج: 39.
(15) شواهد التنزيل ج1 ص398 رقم /551.
(16) تفسير القمي ج2 ص84.
(17) مجمع البيان ج7 ص87.
(18) سورة الحج: 40.
(19) شواهد التنزيل ج1 ص399 رقم /552، ورواه فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره ص99.
(20) تفسير القمي ج2 ص84.
(21) سورة الحج: 41.
(22) شواهد التنزيل ج1 ص400 رقم /554.
(23) المصدر، ورواه فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره ص100.