د ـ قضاؤه في زمن عثمان بن عفان
روى المتقي عن الحسن بن سعد عن أبيه: «أن يحيس وصفّية كانا من سبي الخمس، فزنت صفية برجل من الخمس، وولدت غلاماً فادعى الزاني ويحيس، فاختصما الى عثمان، فرفعهما عثمان إلى علي بن أبي طالب عليه السّلام فقال علي: أقضي فيهما بقضاء رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: الولد للفراش وللعاهر الحجر وجلدهما خمسين خمسين»(1).
وروى الطبري باسناده عن نوفل عن أبيه قال: «حج عثمان بن عفان، فحج عليٌ معه، قال: فأتى عثمان بلحم صيد صاده حلال، فأكل منه ولم يأكل علي، فقال عثمان: والله ما صدنا ولا أمرنا ولا اشرنا، فقال علي (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً)(2)… وعن صبيح بن عبدالله العبسي قال: بعث عثمان بن عفان أبا سفيان بن الحارث على العروض، فنزل قديداً، فمر به رجل من أهل الشام معه باز وصقر، فاستعاره منه فاصطاد به من اليعاقيب، فجعلهن في حظيرة، فلما مر به عثمان طبخهن ثم قدمهن اليه، فقال عثمان: كلوا فقال بعضهم: حتى يجيء علي بن أبي طالب، فلما جاء فرأى ما بين أيديهم، قال علي: إنا لن نأكل منه فقال عثمان: ما لك لا تأكل؟ فقال: هو صيد ولا يحل اكله وأنا محرم، فقال عثمان: بيّن لنا، فقال علي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ) فقال عثمان: أو نحن قتلناه؟ فقرأ عليه (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً)(3).
ورواه أحمد بالاسناد مع بعض الاختلاف(4).
قال المجلسي: «روى نقلة الآثار من العامة والخاصة أن امرأة نكحها شيخ كبير فحملت، فزعم الشيخ انه لم يصل اليها، وانكر حملها، فالتبس الأمر على عثمان، وسأل المرأة: هل افتضك الشيخ؟ وكانت بكراً قالت: لا فقال عثمان: اقيموا الحد عليها، فقال له أميرالمومنين عليه السّلام: ان للمرأة سمين: سم للمحيض وسم للبول، فلعل الشيخ كان ينال منها فنال ماؤه في سم المحيض، فحملت منه فأسألوا الرجل عن ذلك، فسئل فقال: قد كنت انزل الماء في قبلها من غير وصول اليها بالافتضاض، فقال أميرالمؤمنين: الحمل له والولد ولده، وأرى عقوبته في الانكار فصار عثمان الى قضائه بذلك»(5).
وروى مالك عن قبيصة بن ذويب: «ان رجلا سأل عثمان بن عفان عن الأختين من ملك اليمين: هل يجمع بينهما؟ فقال عثمان: أحلتهما آية وحرمتهما آية، فأما أنا فلا أحب ان اصنع ذلك قال: فخرج من عنده فلقي رجلا من اصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فسأله عن ذلك فقال: لو كان لي من الأمر شيء ثم وجدت احداً فعل ذلك لجعلته نكالا. قال ابن شهاب: أراه علي بن أبي طالب»(6).
وعن مالك انه بلغه «ان عثمان بن عفان أتي بامرأة قد ولدت في ستة اشهر، فأمر بها ان ترجم، فقال له علي بن أبي طالب: ليس ذلك عليها، ان الله تبارك وتعالى، يقول في كتابه: (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً)(7) وقال: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ)(8) فالحمل يكون ستة اشهر، فلا رجم عليها، فبعث عثمان بن عفان في أثرها، فوجدها قد رجمت»(9).
وروى الحضرمي عن محمّد بن يحيى بن حبان، قال: «ان حبان بن منقذ كانت تحته امرأتان هاشمية وانصارية، فطلق الانصارية ثم مات على رأس الحول، فجاءت الانصارية وقالت: لم تنقض عدتي فارتفعوا إلى عثمان، وقال: ليس لي به علم فارتفعوا إلى علي، فقال علي: تحلفين عند منبر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم انك لم تحيضي ثلاث حيضات فلك الميراث، فحلفت واشركت في الميراث»(10).
(1) كنز العمال باب دعوى النسب ج6 ص101 حيدر آباد، ورواه أحمد في المسند ج1 ص104.
(2) سورة المائدة: 96.
(3) جامع البيان (تفسير الطبري) ج7 ص70. المائدة: 95ـ96.
(4) مسند أحمد ج1 ص100 و104.
(5) بحار الأنوار ج9 ص484 الطبعة القديمة. وأورده الشيخ المفيد في الارشاد ص101.
(6) الموطأ ص366 رقم 1134.
(7) سورة الاحقاف: 15.
(8) سورة البقرة: 233.
(9) الموطأ ص593 رقم 1502.
(10) وسيلة المآل ص244 مخطوط، ورواه الوصابي في أسنى المطالب ص57، رقم 50 مخطوط.