ما قاله الأعلام في فضل الحسن بن علي
روى ابن عساكر باسناده عن أبي عثمان، قال: «سمعت أبا الحسن المدائني يقول: قال معاوية ـ وعنده عمرو بن العاص وجماعة من الأشراف ـ: من أكرم الناس أباً وأماً وجداً وجدةً وخالا وخالةً وعماً وعمةً؟ فقام النعمان بن العجلان الزرقي، فأخذ بيد الحسن، فقال: هذا أبوه علي وأمه فاطمة وجده رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وجدته خديجة وعمه جعفر وعمته أم هاني بنت أبي طالب وخاله القاسم وخالته زينب، فقال عمرو بن العاص: أحب بني هاشم دعاك إلى ما عملت؟ قال ابن العجلان: يا ابن العاص، أما علمت انه من التمس رضى مخلوق بسخط الخالق حرمه الله امنيته وختم له بالشقاء في آخر عمره؟ بنو هاشم أنضر قريش عوداً وأقعدها سلماً وأفضلها أحلاماً»(1).
قال ابن كثير: «وقد كان الصديق يجلّه ويعظّمه ويكرمه ويحبه ويتفداه، وكذلك عمر بن الخطاب، فروى الواقدي عن موسى بن محمّد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبيه: أن عمر لما عمل الديوان فرض للحسن والحسين مع أهل بدر في خمسة آلاف خمسة آلاف. وكذلك كان عثمان بن عفان يكرم الحسن والحسين ويحبهما، وقد كان الحسن بن علي يوم الدار وعثمان بن عفان محصور عنده ومعه السيف متقلداً به يحاجف عن عثمان، فخشي عثمان عليه فأقسم عليه ليرجعن إلى منزلهم تطييباً لقلب علي وخوفاً عليه، وكان علي يكرم الحسن إكراماً زائداً ويعظمه ويبجله، وقد قال له يوماً: يا بني ألا تخطب حتى اسمعك، فقال: إني استحي أن اخطب وأنا أراك، فذهب علي فجلس حيث لا يراه الحسن ثم قام الحسن في الناس خطيباً وعلي يسمع فأدى خطبة بليغة فصيحة، فلما انصرف جعل علي يقول: (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْض وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(2) وقد كان ابن عباس يأخذ الركاب للحسن والحسين إذا ركبا، ويرى هذا من النعم عليه وكانا إذا طافا بالبيت يكاد الناس يحطمونهما مما يزدحمون عليهما ـ رضي الله عنهما وارضاهما ـ وكان ابن الزبير يقول: والله ما قامت النساء عن مثل الحسن بن علي»(3).
قال ابن حجر: «وكان الحسن رضي الله عنه سيداً كريماً حليماً زاهداً، ذا سكينة ووقار وحشمة جواداً ممدوحاً»(4).
قال سبط ابن الجوزي: «وكان عليه السّلام من كبار الأجواد، وله الخاطر الوقاد وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يحبه حباً شديداً»(5).
قال أبو نعيم: «السيد المحبب والحكيم المقرب الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما»(6).
قال ابن أبي الحديد: «قال المدائني: وكان الحسن عليه السّلام أكبر ولد عليوكان سيداً سخياً حليماً خطيباً، وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يحبه، سابق يوماً بين الحسين وبينه، فسبق الحسن فأجلسه على فخذه اليمنى، ثم أجلس الحسين على الفخذ اليسرى، فقيل له: يا رسول الله، أيهما أحب اليك؟ فقال: أقول كما قال إبراهيم أبونا، وقيل له: أي ابنيك أحب اليك؟ قال: أكبرهما، وهو الذي يلد ابني محمّداً»(7).
قال ابن شهر آشوب: «قال واصل بن عطاء: كان الحسن بن علي عليه السّلام عليه سيماء الأنبياء وبهاء الملوك»(8).
(1) ترجمة الإمام الحسن عليه السّلام من تاريخ مدينة دمشق ص138.
(2) سورة آل عمران: 34.
(3) البداية والنهاية ج8 ص36.
(4) الصواعق المحرقة ص82، وأورده القندوزي في ينابيع المودة ص292.
(5) تذكرة الخواص ص194.
(6) حلية الأولياء ج2 ص35.
(7) شرح نهج البلاغة ج4 ص10 طبعة مصر. كذا، وهو خلاف الحقيقة الثابته.
(8) المناقب ج4 ص9.