البابُ الرابع وَالثَلاَثُون: عليٌ (عليه السلام) وأياديه عَلى النّاسِ
1 ـ عليٌ عليه السّلام، وكرمه.
2 ـ عليٌ عليه السّلام، وعَدلُه.
3 ـ عليٌ عليه السّلام، وَحِلمُه.
4 ـ عليٌ وعمله في الزّراعة.
عليٌ و كرمه
روى البلاذري عن أبي هريرة قال: «جعت فلما صليت المغرب عرضت لأبي بكر فجعلت استقريه وما أريد بذلك الاّ أن يدخلني بيته فيعشيني، فلما بلغ الباب أرسل يدي ودخل، فعرضت لعمر ففعلت مثل ذلك، ففعل بي كما فعل أبو بكر، ثم أتيت علياً فاستقرأته، فلما بلغ الباب قال: لو دخلت يا أبا هريرة فتعشيت، فدخلت، فقال علي: يا فاطمة عشي أبا هريرة، فجاءت بحروقة فأكلتها، ثمّ جاءت بشربة سويق فشربتها، وبلغ ذلك عمر فقال: لأن كنت وليت منه ما ولّى علي كان احبّ الي من حمر النعم، أو قال: كان أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشمس»(1).
وروى ابن أبي الحديد عن عبد الله بن الحسين بن الحسن، قال: «أعتق علي عليه السلام في حياة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الف مملوك مما مجلت [عملت] يداه وعرق جبينه، ولقد ولي الخلافة وأتته الأموال فما كان حلواه الاّ التمر ولا ثيابه الاّ الكرابيس»(2).
وروى المتّقي بأسناده عن عليّ عليه السلام قال: «قيل له: ما السخاء؟ فقال: ما كان منه ابتداء، فامّا ما كان عن مسألة فحياء وتكرّم»(3).
وروى بأسناده عن ابن عائشة قال: «وقف سائل على أميرالمؤمنين عليه السلام فقال للحسن أو الحسين: إذهب إلى أمّك فقل لها تركت عندك ستة دراهم فهات منها درهماً، فذهب ثمّ رجع فقال: قالت: انّما تركت ستة دراهم للدّقيق فقال عليّ: لا يصدق ايمان عبد حتى يكون بما في يد الله أوثق منه بما في يده، قل لها ابعثي بالستة دراهم فبعثت بها إليه فدفعها إلى السائل، قال: فما حلّ حبوته حتّى مرّ به رجل معه جمل يبيعه فقال علي بكم الجمل؟ قال: بمائة وأربعين درهماً، فقال عليّ: اعقله على أنا نؤخرك بثمنه شيئاً فعقله الرجل ومضى ثمّ اقبل رجل فقال: لمن هذا البعير فقال علي: لي فقال: أتبيعه؟ قال: نعم قال: بكم؟ قال: بمائتي درهم قال: قد ابتعته، قال: فأخذ البعير واعطاه المأتين فاعطى الرّجل الّذي أراد أن يؤخّره مائة وأربعين درهماً، وجاء بستين درهماً إلى فاطمة فقالت: ما هذا؟ قال: هذا ما وعدنا الله على لسان نبيه صلّى الله عليه وآله وسلّم(4): (مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)»(5).
وروى الوصابي باسناده عن أبي سعيد قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لعلي بن أبي طالب عليه السلام: يا علي جزاك الله خيراً والاسلام، فك الله رهانك كما فككت رهان أخيك، ليس من عبد يموت وعليه دين الاّ وهو مرتهن بدينه، فمن فكّ رهان ميّت فكّ الله رهانه في الآخرة»(6).
(1) أنساب الأشراف ج2 ص151 رقم 154. وان شئت فقارن بين فعله عليه السلام وما رواه المتقي باسناده عن ابن برقان قال: بلغنا أن عمر بن الخطاب أتاه مسكين وفي يده عنقود من عنب، فناوله منه حبة ثم قال: فيها مثل قيل ذر كثيرة» منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج2 ص520.
(2) شرح نهج البلاغة ج2 ص202 بتصحيح محمّد أبو الفضل إبراهيم.
(3) كنز العمال ج6 ص323 رقم 2379 طبع حيدر آباد.
(4) كنز العمال ج6 ص323 رقم 2396، ورواه سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص118. ورواه الزمخشري في ربيع الأبرابر باب الجزاء والمكافأة ص186 مخطوط مع فرق.
(5) سورة الانعام: 160.
(6) اسنى المطالب الباب الرابع عشر ص83 رقم9.