البابُ الخامِس وَالثَلاَثُون: عليٌ (عليه السلام) والتّقوى
1 ـ عليٌ عليه السّلام، وعبادته.
2 ـ عليٌ عليه السّلام، وزهده.
3 ـ عليٌ عليه السّلام، وزهده في مأكله وملبسه.
4 ـ عليٌ عليه السّلام، وورعه.
5 ـ عليٌ عليه السّلام، وفراشه.
6 ـ عليٌ عليه السّلام، ونقش خاتمه.
عليٌ و عبادته
روى البلاذري عن أبي مريم، قال: قال عمّار: «لو أن علياً لم يعمل عملا ولم يصنع شيئاً الاّ انه احيا التكبيرتين عند السجود لكان قد أصاب بذلك فضلاً عظيماً»(1).
وروى باسناده عن مطرف بن عبد الله قال: «صلّيت أنا وعمران بن حصين خلف علّي بن أبي طالب فكان إذا سجد كبّر، وإذا رفع رأسه كبّر، وإذا نهض من الركعتين كبّر، فلما انصرفنا أخذ عمران بيدي فقال: لقد صلّى صلاة محمّد، ولقد ذكرني صلاة محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم»(2).
قال ابن أبي الحديد: «وأما العبادة فكان أعبد الناس وأكثرهم صلاة وصوماً ومنه تعلم الناس صلاة اللّيل وملازمة الأوراد وقيام النافلة، وما ظنك برجل يبلغ من محافظة على ورده أن يبسط له نطع بين الصّفين ليلة الهرير فيصلي عليه ورده والسهام تقع بين يديه وتمرّ على صماخيه يميناً وشمالا فلا يرتاع لذلك ولا يقوم حتى يفرغ من وظيفته، وما ظنّك برجل كانت جبهته كثفنة البعير لطول سجوده، وأنت إذا تأمّلت دعواته ومناجاته ووقفت على ما فيها من تعظيم الله سبحانه واجلاله وما يتضمّنه من الخضوع لهيبته والخشوع لعزّته والاستخذاء له عرفت ما ينطوي عليه من الاخلاص وفهمت من اي قلب خرجت وعلى ايّ لسان جرت. وقيل لعلّي بن الحسين ـ وكان الغاية في العبادة أين عبادتك من عبادة جدّك؟ قال: عبادتي عند عبادة جدّي كعبادة جدّي عند عبادة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم»(3).
قال الزمخشري: «قال أبو رابحة: صليت مع علي رضي الله تعالى عنه حتّى إذا كانت الشمس قدر رمح قلّب يده ثمّ قال: والله لقد رأيت أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فما رأيت اليوم أحداً يشبههم. لقد كانوا يصبحون شعثاً غبراً بين اعينهم امثال ركب المعزى قد باتوا لله سجّداً وقياماً يتلون كتاب الله يراوضون بين جباههم أوقدامهم، فإذا أصبحوا مادوا كما يميد الشجر في يوم الريح وهملت اعينهم حتى تبلَّ ثيابهم، والله ما كان القوم غافلين. ثم نهض فما رؤي بعد كاشراً حتى ضربه ابن ملجم عدو الله»(4).
(1) أنساب الأشراف ص179 الحديث 208.
(2) المصدر، ص180 الحديث 210.
(3) شرح نهج البلاغة ج1 ص9 مطبعة مصر.
(4) ربيع الأبرار باب الخير والصلاح وذكر الأخيار والصلحاء ص250، مخطوط.