عليٌ و زهده في ملبسه
ومن كلام له عليه السلام: «ولقد كان في رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كاف لك في الأسوة، ودليل على ذمّ الدنيا وعيبها وكثرة مخازيها ومساويها، اذ قبضت عنهُ أطرافها ووطئت لغيره اكنافها وفطم عن رضاعها وزوي عن زخارفها»(1).
وروى المجلسي باسناده عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام قال: «جاء رجل الى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقد بلي ثوبه، فحمل اليه اثني عشر درهماً، فقال: يا علي خذ هذه الدراهم فاشتر لي ثوباً البسه، قال علي عليه السلام: فجئت الى السّوق فاشتريت له قميصاً باثني عشر درهماً وجئت به إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فنظر إليه فقال: يا علي غير هذا أحبّ إلي، أترى صاحبه يقيلنا؟ فقلت: لا ادري، فقال: أنظر، فجئت إلى صاحبه فقلت: انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قد كره هذا يريد ثوباً دونه فأقلنا فيه، فردّ عليّ الدراهم وجئت به الى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فمشى معي إلى السوق ليبتاع قميصاً، فنظر الى جارية قاعدة على الطريق تبكي فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ما شأنك؟ فقالت: يا رسول الله انّ أهل بيتي أعطوني أربعة دراهم لأشتري لهم بها حاجة فضاعت فلا أجسر أن أرجع اليهم، فأعطاها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أربعة دراهم وقال: ارجعي إلى اهلك، ومضى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى السوق واشترى قميصاً بأربعة دراهم ولبسه وحمد الله وخرج، فرأى رجلا عرياناً يقول: من كساني كساه الله من ثياب الجنة، فخلع رسول الله قميصه الذي اشتراه وكساه السائل، ثم رجع إلى السوق فاشترى بالأربعة التي بقيت قميصاً آخر فلبسهُ وحمد الله ورجع إلى منزله وإذا الجارية قاعدة على الطريق، فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: مالك لا تأتين أهلك؟ قالت: يا رسول الله، انّي قد أبطأت عليهم فأخاف أن يضربوني، فقال لها رسول الله: مري بين يديَّ ودلّيني على أهلك، فجاء رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى وقف على باب دارهم ثم قال: السلام عليكم يا أهل الدار فلم يجيبوه، فأعاد السلام فلم يجيبوه، فأعاد السلام، فقالوا: عليك السلام يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، فقال لهم: ما لكم تركتم إجابتي في أول السلام والثاني؟ قالوا: يا رسول الله، سمعنا سلامك فأحببنا أن نستكثر منه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ان هذه الجارية أبطأت عليكم فلا تؤاخذوها فقالوا: يا رسول الله، هي حرّة لممشاك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: الحمد لله. ما رأيت اثني عشر درهماً اعظم بركة من هذه، كسا الله بها عريانين وأعتق بها نسمةً»(2).
روى الخوارزمي ومحمّد بن يوسف الزرندي باسنادهما عن أبي مريم قال: «سمعت عمّار بن ياسر يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: يا علي…»(3).
روى الخوارزمي باسناده عن علي بن ربيعة قال: «رأيت علياً عليه السلام يأتزر فرأيت عليه تبّاناً. قال رضي الله عنه: التبّان سراويل الملاح وهو سروال قصير صغير، وتبّنه ألبسته ايّاه».
وروى بإسناده عن ليث عن معاوية عن رجل من بني كاهل، قال: «رأيت على علي عليه السلام تبّاناً وقال: نعم الثوب ما أستره للعورة وأكفّه للأذى».
وروى باسناده عن أبي رزين، قال: «ان أفضل ثوب رأيته على علي عليه السلام القميص من قهر، وبردين قطريّين، قال العباس: كلّ ثوب يضرب إلى السواد من ثياب اليمن يسمّى قطرّياً».
وروى باسناده عن مجمع التميمي قال: «خرج علي بن أبي طالب عليه السلام بسيفه إلى السّوق، فقال: من يشتري منّي سيفي هذا؟ فلو كان عندي أربعة دراهم اشتري بها إزاراً ما بعته»(4).
وروى بأسناده عن أبي مطر قال: «خرجت من المسجد فإذا رجل ينادي من خلفي: أرفع ازارك فانّه أبقى لثوبك وأنقى لك وخذ من رأسك ان كنت مسلماً، فمشيت خلفه وهو متّزر بازار ومرتد برداء ومعه الدّرة كأنّه أعرابي بدوي فقلت: من هذا؟ فقال لي رجل: اراك غريباً بهذا البلد، قلت: أجل رجل من أهل البصرة قال: هذا أميرالمؤمنين عليه السلام، فسار حتى انتهى إلى دار بني أبي معيط وهو سوق الابل فقال: بيعوا ولا تحلفوا فان اليمين تنفق السّلعة وتمحق البركة، ثمّ اتى أصحاب الّتمر فإذا خادمة تبكي فقال: ما يبكيك؟ قالت: با عني هذا الرّجل تمراً بدرهم فرده مولاي وأبى البايع أن يقبله فقال له: خذ تمرك واعطها درهمها فانها خادمة ليس لها أمر، فدفعه البايع، فقلت: أتدري من هذا؟ قال: لا: قلت: هذا علّي بن أبي طالب أميرالمؤمنين عليه السلام فصب تمره وأعطاه درهمها وقال له: يا مولاي احبّ ان ترضى عنّي قال: ما ارضاني عنك إذا وفيت الناس حقوقهم، ثمّ مرّ مجتازاً بأصحاب الّتمر، فقال: يا اصحاب التمر اطعموا المساكين فيربو كسبكم، ثم مرّ مجتازاً ومعه المسلمون حتى أتى أصحاب السّمك، فقال: لا يباع في سوقنا طافي، ثم أتى دار فرات وهو سوق الكرابيس، فقال: يا شيخ، أحسن بيعي في قميص بثلاثة دراهم، فلمّا عرفه لم يشتر منه شيئاً ثمّ اتى آخر فلمّا عرفه لم يشتر منه شيئاً، فأتى غلاماً حدثاً فاشترى منه قميصاً بثلاثة دراهم ولبسه ما بين الرسغين إلى الكعبين، فقال حين لبسه: الحمد لله الّذي رزقني من الرّياش ما اتجمل به في النّاس وأواري به عورتي فقيل له: يا أميرالمؤمنين، هذا شيء ترويه عن نفسك أو شيء سمعته عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؟ قال: بل شيء سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقوله عند الكسوة. فجاء أبو الغلام صاحب الثّوب فقيل له: يا فلان قد باع ابنك اليوم من أميرالمؤمنين قميصاً بثلاثة دراهم، قال لابنه: أفلا اخذت منه درهمين؟ فأخذ أبوه درهماً وجاء به إلى أميرالمؤمنين عليه السلام وهو جالس على باب الرحبة ومعه المسلمون فقال: أمسك هذا الدرهم يا أميرالمؤمنين، فقال: ما شأن هذا الدرهم؟ قال: كان ثمن القميص درهمين قال: باعني برضاي وأخذه برضاه»(5).
وروى باسناده عن أبي بحر عن شيخ لهم قال: «ورأيت على علي عليه السلام ازاراً غليظاً، قال: اشتريته بخمسة دراهم فمن أربحني درهماً بعته قال: ورأيت معه دراهم مصرورة، فقال: هذه بقيّة نفقتنا من ينبع».
وروى باسناده عن أبي مليكة قال: «لما أرسل عثمان إلى علي رحمة الله عليهما في التّعاقب وجده مئتزراً بعبائه محتجزاً بعقال وهو يهنأ بعيراً له».
وروى بأسناده عن عمرو بن قيس، قال: «قيل لعلي عليه السلام لم ترقع قميصك؟ قال: يخشع القلب ويقتدي به المؤمن».
وروى باسناده عن عثمان بن ثابت أبي عبد الرّحمن الهمداني عن جدّته عن أمها قالت: «أتى عليّ دار فرات فقال لخياط: أتبيع القميص، أتعرفني قال: نعم، قال: لا حاجة لي فيه، فأتى آخر فقال له: اتعرفني؟ قال: لا قال: بعني قميص كرابيس، قال: فباعه ثم قال له: مد القميص فلما بلغ اطراف اصابعه قال: اقطع ما فوق ذلك وكفه، ولبسه فقال: الحمد لله الذي كساني ما أتوارى به وأتجمّل في خلقه».
وروى بأسناده عن يزيد بن محجن قال: «كنا مع علي بالرحبة فدعا بسيف له فسلّه فقال: من يشتري هذا فوالله لو كان عندي ثمن ازار ما بعته»(6).
روى الخوارزمي باسناده عن عبدالله بن أبي الهذيل، قال: «رأيت عليّاً وعليه قميص رازي إذا مدّه بلغ الظفر وإذا أرسله كان مع نصف الذراع»(7).
وروى أحمد باسناده عن اسماعيل بن سالم عن أبي سعد الأزدي وكان اماماً من أئمّة الازد، قال: «رأيت علياً أتى السوق، فقال: من عنده قميص صالح بثلاثة دراهم؟ فقال رجل: عندي، فجاءه فأعجبه قال: فلعله خير من ذاك، قال: لا، ذاك ثمنه، قال: فرأيت عليّاً يقرض رباط الدراهم من ثوبه فأعطاه فلبسه فإذا هو يفضل على أطراف أصابعه».
وروى باسناده عن اسماعيل عن أمّ موسى خادم كانت لعلي قال: «قلت: يا أم موسى فما كان لباسه؟ يعني علياً. قالت: الكرابيس السنبلانية»(8).
وروى باسناده عن الضّحاك بن عمير قال: «رأيت قميص علي بن أبي طالب الّذي أصيب فيه كرابيس سنبلاني ورأيت أثر دمه عليه كهيئة الدراري».
وروى باسناده عن أبي رجاء، قال: «خرج علي عليه السلام ومعه سيف إلى السوق، قال: من يشتري منّي هذا؟ ولو كان عندي ثمن إزار لم أبعه قال: قلت: يا أمير المؤمنين، أنا ابيعك وانسيك إلى العطاء»(9).
روى البلاذري باسناده عن علي بن ربيعة ، قال: «رأيت علياً مؤتزراً وتحت ازاره تبّان»(10).
وروى باسناده عن أبي الوضىء القيني، قال: «رأيت علياً يخطبنا وعليه ازارٌ ورداء مرتدياً به غير ملتحف، وعمامة وهو ينظر إلى شعر صدره وبطنه»(11).
وروى عن أبي امّية، قال: «رأيت علياً وقد لحق ازاره بركبتيه»(12).
وروى باسناده عن أبي العلاء مولى الأسلميين قال: «رأيت علياً يأتزر فوق السّرة»(13).
وروى باسناده عن عمرو بن قيس «أنه رأى على علي ازاراً مرقوعاً، فقيل له فيه، فقال: يخشع له القلب ويقتدي به المؤمن»(14).
وروى عن الحر بن جرموز عن أبيه قال: «رأيت علياً وقد خرج من القصر وعليه قطريتان إلى نصف الساق ورداء مشمّر ومعه درّة، يمشي في الاسواق ويأمرهم بتقوى الله وحسن البيع ويقول: أوفوا الكيل والوزن ولا تنفخوا في اللّحم»(15).
وروى باسناده عن حميد بن عبد الله الأصمّ قال: «سمعت مولى لبني الأشتر النخعي قال: رأيت علياً وأنا غلام فقال: أتعرفني؟ قلت: نعم أنت أميرالمؤمنين فتركني ثمّ أتى آخر وقال له: أتعرفني؟ فقال: لا، فاشترى منه قميصاً فلبسه فمدّ القميص فإذا هو مع أصابعه فقال له: كفّه فلما كفّه لبسه وقال: الحمد لله الذي كسا علي بن أبي طالب»(16).
وروى بأسناده عن أبي اميّة قال: «رأيت علي بن أبي طالب أتى شط هذا الفيض على بغلة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الشهباء وعليه بُرد قد ائتزر به ورداء وعمامة وخفّين»(17).
روى ابن أبي الحديد باسناده عن أبي صالح بيَّاع الاكسية «أن جدّته لقيت علياً عليه السلام بالكوفة ومعه تمر يحمله فسلمت عليه وقالت له: أعطني يا أميرالمؤمنين هذا الّتمر أحمله عنك إلى بيتك فقال: أبو العيال أحقّ بحمله، قالت: ثمّ قال لي: ألا تأكلين منه؟ فقلت: لا أريد قالت: فانطلق به إلى منزله ثم رجع مرتدياً بتلك الشملة، وفيها قشور التمر، فصلّى بالناس فيها الجمعة»(18).
وروى باسناده عن جعفر بن محمّد عليه السّلام، قال: «ابتاع علي عليه السلام في خلافته قميصاً سملا بأربعة دراهم، ثمّ دعا الخياط فمدّ كمّ القميص وأمره بقطع ما جاوز الأصابع»(19).
روى البلاذري بأسناده عن عطاء أبي محمّد، قال: «رأيت على علي قميصاً كسكريّاً من هذه الكرابيس فوق الكعبين كمّه إلى الأصابع ـ أو أصل الاصابع ـ غير مغسول»(20).
وروى أبو نعيم باسناده عن عليّ بن الأرقم عن أبيه، قال: «رأيت علياً وهو يبيع سيفاً له في السّوق ويقول: من يشتري منّي هذا السيف؟ فو الّذي فلق الحبّة لطالما كشفت به الكرب عن وجه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولو كان عندي ثمن إزار ما بعته»(21).
وروى أبو نعيم باسناده عن هارون بن عنترة عن أبيه، قال: «دخلت على عليّ بن أبي طالب بالخورنق وهو يرعد تحت سمل قطيفة، فقلت: يا أميرالمؤمنين، انّ الله قد جعل لك ولأهل بيتك في هذا المال وأنت تصنع بنفسك ما تصنع، فقال: والله ما أرزأكم من مالكم شيئاً وانّها لقطيفتي التي خرجت بها من منزلي أو قال: من المدينة»(22).
وروى ابن عساكر باسناده عن معاذ بن العلاء أخي أبي عمرو بن العلاء عن أبيه عن جدّه، قال: «سمعت علي بن أبي طالب يقول: ما أصبت من فيئكم الاّ هذه القارورة أهداها إلي الدّهقان ثمّ اتى بيت المال فقال: خذه وأنشأ يقول:
طوبى لمن كانت له قوصرة *** يأكل منها كلّ يوم مرة»(23)
وروى الوصابي باسناده عن فضل بن سلمة عن أبيه «أن علياً اشترى قميصاً، ثم قال: اقطعه لي من ها هنا من أطراف الاصابع، وفي رواية: انّه لبسه فإذا هو يفضل عن أطراف أصابعه فأمر بقطع ما فضل عن اطراف الاصابع».
وروى عن ابن عباس قال: «اشترى علي بن أبي طالب قميصاً بثلاثة دراهم وهو خليفة فقطع كمّه من موضع الرسغين، وقال: الحمد لله هذا من رياشه»(24).
روى ابن عساكر باسناده عن عبدالله بن أبي الهذيل، قال: «رأيت على عليّ ابن أبي طالب قميصاً رازياً إذا مدّ ردنه بلغ اطراف الأصابع وإذا تركه رجع إلى قريب من نصف الذراع»(25).
وروى باسناده عن مولى لآل عصيفر، قال: «رأيت علياً خرج فأتى رجلا من اصحاب الكرابيس فقال له: عندك قميص سنبلاني؟ قال: فأخرج إليه قميصاً فلبسه فإذا هو إلى نصف ساقيه، فنظر عن يمينه وعن شماله، فقال: ما أرى الاّ قدراً حسناً، بكم هو؟ قال: بأربعة دراهم يا أميرالمؤمنين قال: فحلّها من ازاره فدفعها اليه ثم انطلق»(26).
وروى باسناده عن سعيد الرّجاني، قال: «اشترى علي قميصين سنبلانيين انبجانيين بسبعة دراهم، فكسا قنبر أحدهما، فلّما أراد أن يلبس قميصه فإذا ازاره مرقّع برقعة من أديم»(27).
وروى بأسناده عن زيد بن وهب الجهني، قال: «خرج علينا علي بن أبي طالب ذات يوم وعليه بردان متزّرٌ بأحدهما ومرتد بالآخر، قد أرخى جانب ازاره ورفع جانباً، قد رقّع ازاره بخرقة، فمرّ به اعرابي فقال: أيها الانسان، إلبس من هذا الثياب فانك ميّت أو مقتول، فقال: ايها الاعرابي، انّما البس هذين الثوبين ليكونا ابعد لي من الزّهو وخيراً لي في صلاتي وسنّة للمؤمنين»(28).
وروى سبط ابن الجوزي باسناده عن أبي النوار بايع الكرابيس، قال: «كان علي عليه السلام يلبس الكرابيس السنبلانية وهي ثياب غلاظ، يساوي الثوب درهمين أو ثلاثة دراهم وهو يقول: الحمد لله الّذي كساني ما أتوارى به وأتجمّل به بين خلقه»(29).
روى ابن عساكر باسناده عن جعفر: «قال سفيان: أظنّه ذكره عن أبيه: أنّ علياً كان إذا لبس قميصاً مدّ يده في كمّه فما خرج من الكم عن الاصابع قطعهُ، وقال: ليس لكم فضل عن الاصابع»(30).
وروى باسناده عن زيد بن وهب قال: «قدم على علي وفد من أهل البصرة فيهم رجل من رؤوس الخوارج يقال له الجعد بن نعجة، فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: يا علي اتّق الله فانك ميّت وقد علمت سبيل المحسن والمسيء، ثمّ وعظه وعاتبه في لبوسه، فقال: مالك وللبوسي؟ انّ لبوسي أبعد من الكبر وأجدر أن يقتدي به المسلم»(31).
روى سبط ابن الجوزي عن الأحنف بن قيس، قال: «جاء الربيع بن زياد الحارثي إلى علي عليه السلام فقال: يا أميرالمؤمنين اعدل لي على أخي عاصم بن زياد، فقال: ما باله؟ فقال: لبس العباء وتنسك وهجر أهله فقال: علّي به، فجاء وقد ائتزر بعباءة وارتدى بأخرى أشعث أغبر، فقال له: ويحك يا عاصم، اما استحييت من أهلك؟ أما رحمت ولدك؟ ألم تسمع إلى قوله تعالى: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ)(32)أترى الله أباحها لك ولأمثالك وهو يكره أن تنال منها؟ أما سمعت قول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ان لنفسك عليك حقّاً، الحديث؟. فقال عاصم: فما بالك يا أميرالمؤمنين في خشونة ملبسك وجشوبة مطعمك؟ وإنّما تزيّيت بزيّك، فقال: ويحك، انّ الله فرض على أئمة الحق أن يتّصفوا بأوصاف رعيّتهم أو بأفقر رعيتهم لئلاّ يزدري الفقير بفقره وليحمد الله الغني على غناه»(33).
قال أبو جعفر الاسكافي: «وكان ربّما حضرت الصّلاة وقد غسل قميصه فلا يكون عنده غيره، فيلبسه قبل ان يجفّ، فيجفّفه وهو يخطب».
وقال: «ذكروا انّه قوّموا ما خلّف من الثّياب فبلغ ثمنها تسعة دراهم».
وقال: «ولقد رُئي عليه إزار مرقوع، فعوتب في لباسه، فقال رضي الله عنه: يخشع به القلب ويقتدي به المؤمن»(34).
وروى سبط ابن الجوزي باسناده عن أبي بحر عن شيخ لهم قال: «رأيت علياًعليه السلام وعليه ازار غليظ فقلت: ما هذا؟ قال: اشتريته بخمسة دراهم، فمن أربحني فيه درهماً بعته ايّاه، وقال: كان يأتزر بعباءة ويشدّ وسطه بعقال، ويهنأ بعيره وهو يومئذ خليفة»(35).
روى المتّقي باسناده عن رجل، قال: «رأيت على علي إزاراً غليظاً، قال: اشتريته بخمسة دراهم فمن أربحني فيه درهماً بعته ايّاه»(36).
وروى بأسناده عن زيد بن وهب، قال: «خرج علينا علي، وعليه رداءٌ وازار، قد وثقه بخرقة، فقيل له، فقال: انما ألبس هذين الثوبين ليكون ابعد لي من الزّهو وخيراً لي في صلاتي وسنة للمؤمن»(37).
وروى باسناده عن عطاء أبي محمّد، قال: «رأيت على علي قميصاً من هذه الكرابيس غير غسيل»(38).
(1) نهج البلاغة الخطبة 160 ص226 بتحقيق الدكتور صبحي الصالح.
(2) بحار الأنوار طبع كمباني ج6 ص148 باب مكارم اخلاقه.
(3) المناقب، الفصل العاشر ص66 ونظم درر السمطين ص102، وتقدم نصه قريباً.
(4) المناقب الفصل العاشر ص69، وروى الحمويني الأول والثاني في فرائد السمطين ج1 ص 353.
(5) المناقب الفصل العاشر ص70، ورواه ابن عساكر ج3 ص194 رقم 1246 مع فرق، والمتقي في منتخب الكنز بهامش مسند أحمد ج5 ص57 مع فرق، وروى أحمد قطعةً منه في المسند 1 ص157 واخرى في كتاب الزهد ص130.
(6) كتاب الزهد ص130 ـ 133، وهو أيضاً في الفضائل له.
(7) المناقب الفصل العاشر ص66، ورواه البلاذري في انساب الأشراف ج2 ص128 رقم 102 ومنتخب الكنز بهامش مسند أحمد ج5 ص56 مع فرق.
(8) الفضائل ج1 الحديث 33، 38.
(9) نفس المصدر الحديث 39، 46.
(10 ـ 13) أنساب الأشراف ج2 ص124 ـ 129، الأرقام 88، 100، 101، 104.
(14) أنساب الأشراف ج2 ص124، 128، 129، رقم 88، 100، 101، 104 و105.
(15 ـ 17) انساب الأشراف ج2 ص106 وص 129، وانظر وسيلة المآل ص269 وأسنى المطالب الباب 15 ص90، تذكرة الخواص ص83.
(18) شرح نهج البلاغة ج2 ص202 بتصحيح محمّد أبو الفضل إبراهيم.
(19) نفس المصدر السابق.
(20) أنساب الأشراف ج2 ص128 رقم 103.
(21) حلية الأولياء ج1 ص83، ورواه سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص114، والمتقي في منتخب كنز العمال هامش السند ج5 ص56.
(22) حلية الأولياء 1 ص82، ورواه ابن عساكر في ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج3 ص188 رقم 1233، وسبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص113.
(23) رواه ثلاث مرات باختلاف قليل في اللفظ، في ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج3 ص185 رقم 1127 و1128 و1129.
(24) أسنى المطالب ص90 و91.
(25) ترجمة الامام من تاريخ مدينة دمشق ج3 ص191 رقم 1238، وهو في أسنى المطالب الباب 5 ص90. 1
(26) ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج3 ص191 رقم 1240.
(27) ترجمة علي من تاريخ دمشق ج3 ص191 رقم 1241.
(28) المصدر ص192 رقم 1244.
(29) تذكرة الخواص ص116، ورواه أحمد في الزهد ص133.
(30) ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج3 ص190 رقم 1237.
(31) ترجمة علي من تاريخ دمشق ج3 ص193 رقم 1245.
(32) سورة الاعراف: 157.
(33) تذكرة الخواص ص111.
(34) المعيار والموازنة ص241 و242 و251.
(35) تذكرة الخواص ص115.
(36 ـ 38) منتخب الكنز بهامش مسند أحمد ج5 ص57 و 58.