المناشدة بعد بيعة عثمان
روى الخوارزمي باسناده عن أبي ذر، قال: «لما كان أوّل يوم في البيعة لعثمان (لِّيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولا لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَة وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَة)(1)فاجتمع المهاجرون والأنصار في المسجد ونظرت إلى أبي محمّد عبد الرَّحمن بن عوف وقد اعتجر بريطة وقد اختلفوا وكثرت المناجزة إذ جاء أبو الحسن ـ بأبي هو وامّي ـ قال فلما بصروا بأبي الحسن علي بن أبي طالب عليه السلام سُرّ القوم طرّاً فأنشأ علي يقول: انّ أحسن ما ابتدأ به المبتدأون ونطق به الناطقون وتفوه به القائلون حمد الله والثناء عليه بما هو اهله والصلاة على النبي محمّد وآله، الحمد لله المتفرد بدوام البقاء، المتوحد بالملك الذي له الفخر والمجد والثناء، ثم قال علي كرّم الله وجهه: معاشر المسلمين ناشدتكم الله هل تعلمون انّ جبرئيل أتى النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: لا سيف الاّ ذو الفقار ولا فتى الا علي؛ هل تعلمون كان هذا؟ قالوا: اللّهم نعم، قال: فأنشدكم الله هل تعلمون ان جبرئيل نزل على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: يا محمّد ان الله يأمرك ان تحبّ علياً وتحب من يحبّه فانّ الله تعالى يحبّ علياً ويحبّ من يحب علياً؛ قالوا: اللّهم نعم، قال: فأنشدكم الله هل تعلمون انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: لما أسري بي إلى السماء السابعة رفعت إلى رفارف من نور ثمّ رفعت إلى حجب من نور فوعدني الجبار لا إله إلا هو أشياء فلمَّا رجع من عنده نادى مناد من وراء الحجب نعم الأب ابوك إبراهيم ونعم الأخ اخوك علي بن أبي طالب واستوص به، أتعلمون يا معاشر المهاجرين والانصار كان هذا، فقال عبد الرحمن بن عوف: سمعتها من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم والاَّ فصمّتا، ثم قال: هل تعلمون انّ احداً كان يدخل المسجد جنباً غيري؟ قالوا: اللّهم لا قال: فأنشدكم الله هل تعلمون أنّ ابواب المسجد سدّها وترك بابي بأمر من الله قالوا: اللّهم نعم، قال: فأنشدكم الله هل تعلمون أنّي كنت إذا قاتلت عن يمين رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي، قالوا: اللهم نعم، قال: فأنشدكم الله هل تعلمون انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أخذ الحسن والحسين فجعل يقول: هي يا حسن، فقالت فاطمة: يا رسول الله انّ الحسين اصغر وأضعف ركناً منه، فقال لها رسول الله: ألا ترضين أن أقول، أنا: هي يا حسن ويقول جبرئيل: هي يا حسين فهل لأحد من الناس مثل منزلتنا عند الله وعند رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم»(2).
روى ابن المغازلي باسناده عن جعفر بن محمّد عليه السلام، عن أبيه عن ابن عباس قال: «نظر علّي بن أبي طالب عليه السلام في وجوه الناس، فقال: اني لأخو رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ووزيره وقد علمتم انّي اوّلكم ايماناً بالله ورسوله ثم دخلتم بعدي في الإسلام رسلا وانّي لابن عم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأخوه وشريكه في نسبه، وأبو ولده، وزوج ابنته سيدة ولده وسيدة نساء أهل الجنة، ولقد عرفتم أنّا ما خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مخرجاً قطّ الاّ رجعنا وأنا احبّكم إليه وأوثقكم في نفسه وأشدّكم نكاية للعدّو واثراً في العدوّ، ولقد رأيتم بعثته ايّاي ببراءة، ولقد آخى بين المسلمين فما اختار لنفسه أحداً غيري، ولقد قال لي: أنت أخي وأنا اخوك في الدنيا والآخرة، ولقد أخرج الناس من المسجد وتركني، ولقد قال لي: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى الاّ انه لا نبي بعدي»(3).
(1) سورة الانفال : 42 .
(2) المناقب الفصل التاسع عشر ص213، ورواه الوصابي في أسنى المطالب الباب الرابع ص20 رقم 12 ومحمّد صدر العالم في معارج العلى في مناقب المرتضى ص115.
(3) المناقب ص111، الحديث 154.