أ ـ دعوى النحلة:
قال الله تعالى: (وَمَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْل وَلاَ رِكَاب وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ * مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ…)(1).
ما دلّ على انّ فدكاً(2) كانت لرسول الله خاصّة:
قال عمر في حديث: «انّ الله عزّوجل قد خصّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في هذا الفيء بشيء لم يؤته أحداً غيره ثم قرأ: (وَمَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ)إلى قوله: (قَدِيرٌ)، فكانت هذه خاصة لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم»(3).
وروى أبو داود قال: «حدثنا حسين بن علي العجلي، ثنا يحيى ابن آدم، ثنا ابن أبي زائدة، عن محمّد بن اسحاق، عن الزهري، وعبد الله بن أبي بكر، وبعض ولد محمّد بن مسلمة، قالوا: بقيت بقية من أهل خيبر تحصنوا، فسألوا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يحقن دمائهم ويسيرهم، ففعل، فسمع بذلك أهل فدك، فنزلوا على مثل ذلك، فكانت لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم خاصة، لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب»(4).
قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري: «وروى محمّد بن اسحاق أيضاً أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لما فرغ من خيبر قذف الله الرعب في قلوب أهل فدك، فبعثوا إلى رسول الله فصالحوه على النصف من فدك، فقدمت عليه رسلهم بخيبر أو بالطريق أو بعد ما أقام بالمدينة، فقبل ذلك منهم وكانت فدك لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم خالصة له، لأنّه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب»(5).
الرّسول يُعطي فدكاً لفاطمة
قال السّيوطي: «وأخرج البزّار وأبو يعلى وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: لما نزلت هذه الآية: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ)دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فاطمة فاعطاها فدكاً»(6).
وقال: «وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) أقطع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فاطمة فدكاً»(7).
وأخرج الثعلبي في تفسيره: «قال علي بن الحسين لرجل من أهل الشام: أنا ذو القرابة التي أمر الله أن يؤت حقّه»(8).
وروى الحسكاني باسناده عن عقيل بن الحسين [أخبرنا] علي بن الحسين [أخبرنا] محمّد بن عبدالله [أخبرنا] أبو مروان عبد الملك بن مروان قاضي مدينة الرّسول بها سنة سبع وأربعين وثلاثمائة [أخبرنا] عبدالله ابن مني عن آدم عن سفيان عن واصل الأحدب عن عطاء، عن ابن عبّاس قال: «لما أنزل الله (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فاطمة وأعطاها فدكاً، وذلك لصلة القربة»(9).
قول الزهراء بأنّ الرسول وهبها فدكا:
قال أبو بكر الجوهري: «وحدّثني محمّد بن زكريا، قال: حدثني ابن عائشة، قال: حدثني أبي عن عمّه، قال: لما كلمت فاطمة أبا بكر بكى ثم قال: يا ابنة رسول الله، والله ما ورث ابوك ديناراً ولا درهماً، وانّه قال: ان الأنبياء يورثون.
فقالت: ان فدكاً وهبها لي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم…»(10).
أبو بكر ينتزع فدكاً من يد فاطمة
والذي يفصح عن أن فدكاً كانت في يد فاطمة وتحت تصرّفها، ثم انتزعت منها، كلام أميرالمؤمنين عليه السّلام، في كتابه لعثمان بن حنيف:
«بلى كانت في أيدينا فدك من كلّ ما أظلّته السماء فشحت عليها نفوس قوم وسخت عنها نفوس قوم آخرين. ونعم الحكم الله، وما أصنع بفدك وغير فدك، والنفس مظانها غداً جدث تنقطع في ظلمة آثارها، وتغيب أخبارها…»(11).
روى ابن حجر: «ان أبا بكر انتزع من فاطمة فدكاً، وأنّه كان رحيماً، وكان يكره أن يغير شيئاً تركه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. فأتته فاطمة فقالت له: «انّ رسول الله اعطاني فدكاً. فقال: هل لك بيّنة؟ فشهد لها عليّ وأم أيمن، فقال لها: فبرجل وامرأة تستحقينها؟»(12).
على من تجب البينّة؟ فاطمة أم أبي بكر؟
قال ابن أبي الحديد، قال المرتضى: نحن نبتدىء فندلّ على أن فاطمة عليها السلام ما ادّعت من نحل فدك الاّ ما كانت مصيبةً فيه وان مانعها ومطالبها بالبينة متعنّت، عادل عن الصواب، لأنها لا تحتاج إلى شهادة وبينة، ثم نعطف على ما ذكره على التفصيل فنتكلم عليه.
أمّا الذي يدل على ما ذكرناه فهو أنّها كانت معصومة من الغلط، مأموناً منها فعل القبيح، ومن هذه صفته لا يحتاج فيما يدّعيه إلى شهادة وبينّة.
فان قيل: دلّلوا على الأمرين.
قلنا: بيان الأول قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(13). والآية تتناول جماعة منهم فاطمة عليها السّلام بما تواترت الأخبار في ذلك، والارادة ها هنا دلالة على وقوع الفعل للمراد.
وأيضاً، فيدلّ على ذلك قوله عليه السّلام: «فاطمة بضعة منّي من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله. وهذا يدل على عصمتها، لأنّها لو كانت ممن تقارف الذنوب لم يكن من يؤذيها مؤذياً له على كلّ حال، بل كان متى فعل المستحق من ذمّها أو اقامة الحدّ عليها ـ ان كان الفعل يقتضيه ـ سارّاً له ومطيعاً، على أنّا لا نحتاج أن ننبّه في هذا الموضع على الدلالة على عصمتها، بل يكفي في هذا الموضع العلم بصدقها فيما ادّعته. وهذا لا خلاف فيه بين المسلمين، لأنّ أحداً لايشكّ أنها لم تدع ما ادّعته كاذبة، وليس بعد الاّ تكون كاذبة الاّ أن تكون صادقة، وانّما اختلفوا في هل يجب مع العلم بصدقها تسليم ما ادّعته بغير بينّة أم لا يجب ذلك.
قال: الذي يدلّ على الفصل الثاني أن البيّنة انّما تراد ليغلب في الظن صدق المدّعى ألا ترى أن العدالة معتبرة في الشهادات لما كانت مؤثرة في غلبة الظن لما ذكرناه، ولهذا جاز أن يحكم الحاكم بعلمه من غير شهادة، لأنّ علمه أقوى من الشهادة، ولهذا كان الاقرار أقوى من البينّة من حيث كان أغلب في تأثير غلبة الظن وإذا قدم الاقرار على الشهادة لقوة الظن عنده، فأولى ان يقدّم العلم على الجميع، وإذا لم يحتجّ مع الاقرار إلى شهادة لسقوط حكم الضعيف مع القوي، لا يحتاج أيضاً مع العلم الى ما يؤثر الظن من البينات والشهادات.
والذي يدل على صحة ما ذكرناه أيضاً أنه لا خلاف بين أهل النقل في أن أعرابياً نازع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في ناقة، فقال عليه السّلام: «هذه لي، وقد خرجت اليك من ثمنها» فقال الأعرابي: من يشهد لك بذلك؟ فقال خزيمة بن ثابت: أنا أشهد بذلك، فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «من أين علمت وما حضرت ذلك؟» قال: لا، ولكن علمت ذلك من حيث علمت أنّك رسول الله، فقال: «قد أجزت شهادتك، شهادتين» فسمي ذا الشهادتين.
وهذه القصة شبيهة لقصة فاطمة عليها السلام، لأن خزيمة اكتفى في العلم بأن الناقة له صلّى الله عليه وآله وسلّم، وشهد بذلك من حيث علم أن رسول الله لا يقول الاّ حقّاً، وامضى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ذلك له من حيث لم يحضر الابتياع وتسليم الثمن فقد كان يجب على من علم أن فاطمة عليها السلام لا تقول الاّ حقاً يستظهر عليها بطلب شهادة أو بينة.
هذا وقد روى أن أبا بكر لما شهد أميرالمؤمنين عليه السّلام كتب بتسليم فدك اليها فاعترض عمر قضيّته وخرّق ما كتبه»(14).
وروى الطبرسي عن أبي عبدالله عليه السّلام قال: «لما بويع أبو بكر واستقام له الأمر على جميع المهاجرين والأنصار بعث إلى فدك من أخرج وكيل فاطمة بنت رسول الله منها، فجاءت فاطمة الزّهراء عليها السلام إلى أبي بكر ثمّ قالت: لم تمنعني ميراثي من أبي رسول الله وأخرجت وكيلي من فدك وقد جعلها لي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بأمر الله تعالى؟.
فقال: هاتي على ذلك بشهود، فجاءت بأم أيمن، فقالت له أمّ أيمن: لا أشهد يا أبا بكر حتى احتجّ عليك بما قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، أنشدك بالله ألست تعلم أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: أمّ أيمن امرأة من أهل الجنّة؟ فقال: بلى. قالت: فاشهد أن الله عزّوجلّ أوحى إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) فجعل فدكاً لها طعمة بأمر الله فجاء علي عليه السّلام فشهد بمثل ذلك.
فكتب لها كتاباً ودفعه إليها، فدخل عمر فقال: ما هذا الكتاب؟ فقال: انّ فاطمة ادعت في فدك، وشهدت لها أمّ أيمن وعلي فكتبته لها، فأخذ عمر الكتاب من فاطمة فتفل فيه ومزّقه. فخرجت فاطمة تبكي.
فلما كان بعد ذلك جاء عليّ إلى أبي بكر وهو في المسجد وحوله المهاجرون والأنصار فقال: يا أبا بكر لم منعت فاطمة ميراثها من رسول الله وقد ملكته في حياة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؟.
فقال أبو بكر: هذا فيء للمسلمين، فان اقامت شهوداً ان رسول الله جعله لها والا فلا حقّ لها فيه، فقال أميرالمؤمنين عليه السّلام يا أبا بكر تحكم فينا بخلاف حكم الله في المسلمين؟ قال: لا.
قال: فان كان في يد المسلمين شيء يملكونه، ثمّ ادّعيت أنا فيه من تسأل البيّنة؟ قال: ايّاك اسأل البينّة ـ قال: فما بال فاطمة سالتها البيّنة على ما في يديها، وقد ملكته في حياة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وبعده ولم تسأل المسلمين بيّنة على ما ادّعوها شهوداً، كما سألتني على ما أدّعيت عليهم؟ فسكت أبو بكر.
فقال عمر، يا عليّ دعنا من كلامك فانّا لا نقوى على حجّتك فان أتيت بشهود عدول، والاّ فهو فيء للمسلمين، لا حقّ لك ولا لفاطمة فيه.
فقال أميرالمؤمنين عليه السّلام: يا أبا بكر تقرأ كتاب الله؟ قال: نعم قال: أخبرني عن قول الله عزّوجلّ: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فيمن نزلت، فينا أو في غيرنا؟ قال: فيكم، قال: فلو أنّ شهوداً شهدوا على فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بفاحشة ما كنت صانعاً بها؟ قال: كنت أقيم عليها الحدّ، كما أقيمه على نساء المسلمين قال: اذن كنت عند الله من الكافرين، قال ولم؟ قال: لأنك رددت شهادة الله لها بالطهارة وقبلت شهادة الناس عليها، كما رددت حكم الله وحكم رسوله أن جعل لها فدكاً قد قبضته في حياته، ثم قبلت شهادة أعرابي بائل على عقبيه عليها وأخذت منها فدكاً، وزعمت انّه فيء للمسلمين، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «البينة على المدّعي، واليمين على المدّعى عليه» فرددت قول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم البيّنة على من ادّعى، واليمين على من ادّعى عليه، قال: فدمدم الناس وانكروا ونظر بعضهم إلى بعض، وقالوا: صدق والله علي ورجع إلى منزله»(15).
وروى الإربلي باسناده عن أبي سعيد الخدري، قال: لما قبض رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم جاءت فاطمة عليها السلام تطلب فدكاً، فقال أبو بكر: انّي لأعلم ان شاء الله انك لن تقولي إلا حقاً ولكن هاتي بينتك، فجاءت بعلي عليه السّلام فشهد ثم جاءت بأمّ أيمن فشهدت، فقال: امرأة أخرى أو رجلا فكتبت لك بها.
قال: هذا الحديث عجيب فانّ فاطمة عليها السلام ان كانت مطالبة بميراث فلا حاجة بها إلى الشهود، فانّ المستحق للتركة لا يفتقر إلى الشاهد، الاّ اذا لم يعرف صحة نسبه واعتزائه إلى الدارج، وما أظنهم شكّوا في نسبها عليها السّلام وكونها ابنة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم.
وان كانت تطلب فدكاً وتدعي أن أباها صلّى الله عليه وآله وسلّم نحلها ايّاها احتاجت إلى اقامة البيّنة، ولم يبق لما رواه أبو بكر من قوله: نحن معاشر الأنبياء لا نوّرث، معنى، وهذا واضح جداً فتدبره»(16).
وقال ابن أبي الحديد: «سألت علي بن الفارقي مدرس المدرسة الغربية ببغداد، فقلت له: أكانت فاطمة صادقة؟ قال: نعم، قلت: فلم لم يدفع اليها أبو بكر فدك وهي عنده صادقة؟ فتبسّم ثم قال كلاماً لطيفاً مستحسناً مع ناموسه وحرمته وقلة دعابته، قال: لو أعطاها اليوم فدكاً بمجرّد دعواها لجاءت إليه غداً وادّعت لزوجها الخلافة وزحزحته عن مقامه، ولم يكن يمكنه الاعتذار والموافقة بشيء، لأنه يكون قد أسجل على نفسه أنها صادقة فيما تدّعي كائناً ما كان من غير حاجة إلى بينّة ولا شهود، وهذا كلام صحيح وان كان أخرجه مخرج الدعابة والهزل»(17).
شهادة علي
قال السيوطي عند تفسير قوله تعالى: (أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَة مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ)(18).
«أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة عن علي عليه السّلام قال: ما من رجل من قريش الاّ نزل فيه طائفة من القرآن، فقال له رجل: ما نزل فيك؟ قال: أما تقرأ سورة هود: (أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَة مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ)رسول الله على بينة من ربه وأنا شاهد منه»(19).
وأخرج الحمويني باسناده عن ابن عباس في هذه الآية: «أريد منه علي خاصة»(20).
الاكتفاء بشاهد واحد:
أخرج أبو داود في سننه في (باب إذا علم الحاكم صدق الشّاهد الواحد يجوز له أن يحكم به): «حدّثنا محمّد بن يحيى بن فارس، أن الحكم بن نافع حدثهم، أخبرنا شعيب عن الزهري عن عمارة بن خزيمة، أنّ عمّه حدثه وهو من أصحاب النبي ان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ابتاع فرساً من اعرابي، فاستتبعه النبي ليقضيه ثمن فرسه، فاسرع رسول الله المشي وابطأ الاعرابي، فطفق رجال يعترضون الاعرابي فيساومونه بالفرس ولا يشعرون أن النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ابتاعه، فنادى الاعرابي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: ان كنت مبتاعاً هذا الفرس والا بعته، فقام النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم حين سمع نداء الاعرابي فقال: «أوليس قد ابتعته منك» فقال الاعرابي: لا والله ما بعتكه، فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم «بلى قد ابتعته منك» فطفق الاعرابي يقول: هلم شهيداً، فقال خزيمة بن ثابت: أنا أشهد أنك قد بايعته، فاقبل النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم على خزيمة فقال: «بم تشهد؟» فقال: بتصديقك يا رسول الله، فجعل رسول الله شهادة خزيمة بشهادة رجلين»(21).
قضى رسول الله بشاهد ويمين
روى المتّقي الهندي عن علي بن الحسين قال: «قضى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم باليمين مع الشاهد» وعن ابن المسيب قال: «قضى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم باليمين مع الشاهد»(22).
ورواه أبو داود باسناده عن ابن عباس وأبي هريرة(23).
حرمان الزهراء من فدك:
قال الشيخ الطوسي: «ومن طرائف الأمور: انّ فاطمة عليها السلام تدفع من دعواها وتمنع فدك بقولها وقيام البينة لها بذلك، وتترك حجر الأزواج في ايديهنّ من غير بينة ولا شهادة»(24).
روى السيد الجزائري عن الحميدي في الجمع بين الصحيحين «ان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أراد أن يشتري موضع المسجد من قوم بني النجار فوهبوه له، وقد تضمن القرآن كون البيوت للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ)(25) ومن المعلوم أن زوجته عائشة لم يكن لها دار بالمدينة ولا لأبيها ولا لقومها لأنهم من أهل مكّة ولا روى أحد أنها بنت بيتاً لنفسها، ومع هذا فلما ادّعت حجرة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عند وفاته التي دفن فيها صدّقها أبو بكر وسلّمها اليها بمجرد سكناها أو دعواها ومنع فاطمة عليها السّلام عن فدك ولم يصدّقها مع شهادته لها بالعصمة والطهارة، وردّ شهودها بأن اباها وهبها ذلك في حياته ومنع فاطمة من ميراثها وأعطى ابنته الحجرة ميراثاً، ودفن أمواتهم فيا وضربوا المعاول عند رأسه.
واعجب من هذا أن جماعة من جهّالهم ظن أن البيت لعائشة باضافته اليها في المحاورات ولم يدر أنه من باب قوله تعالى: (إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَة مُّبَيِّنَة)(26) ومعلوم أن البيوت انما هي للأزواج»(27).
روى إبراهيم بن سعيد الثقفي عن إبراهيم بن ميمون قال: «حدثنا عيسى ابن عبدالله بن محمّد بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده عن علي عليه السّلام قال: جاءت فاطمة إلى أبي بكر، وقالت: انّ أبي أعطانى فدكاً وعلي وأمّ أيمن يشهدان. فقال: ما كنت لتقولي على أبيك الا الحق، قد أعطيتكها ودعا بصحيفة من ادم فكتب لها فيها، فخرجت فلقيت عمر فقال: من أين جئت يا فاطمة؟ قالت: جئت من عند أبي بكر، أخبرته أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أعطاني فدكاً وأن عليّاً وأم أيمن يشهدان لي بذلك فاعطانيها وكتب لي بها، فأخذ عمر منها الكتاب ثم رجع إلى أبي بكر فقال: أعطيت فاطمة فدكاً وكتبت بها لها؟ قال: نعم، فقال: ان علياً يجر إلى نفسه وأم أيمن امرأة، وبصق في الكتاب فمحاه وخرّقه»(28).
عثمان يقطع فدكاً لمروان:
قال أبو الفداء في ذكر بعض ما نقم الناس على عثمان: «وأقطع مروان بن الحكم فدكاً، وهي صدقة رسول الله التي طلبتها فاطمة ميراثاً، فروى أبو بكر عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة، ولم تزل فدك في يد مروان وبنيه الى أن تولى عمر بن عبد العزيز فانتزعها من أهله وردّها صدقة»(29).
وذكر البيهقي: «قال الشيخ: انما اقطع مروان فدكاً في ايام عثمان بن عفّان وكأنه تأول في ذلك ما روي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إذا أطعم الله نبيّاً طعمة فهي للّذي يقوم من بعده وكان مستغنياً عنها بماله فجعلها لأقربائه ووصل بها رحمهم… وذهب آخرون إلى أن المراد بذلك التولية وقطع جريان الارث فيه، ثم تصرّف في مصالح المسلمين كما كان أبو بكر وعمر يفعلان»(30).
وقال ابن عبد ربّه الأندلسي: «وممّا نقم الناس على عثمان أنّه آوى طريد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الحكم بن أبي العاص… وأقطع فدك مروان. وهي صدقة لرسول الله وافتتح افريقية وأخذ خمسه فوهبه لمروان»(31).
قال ابن أبي الحديد: «واقطع عثمان مروان فدك. وقد كانت فاطمة عليها السلام طلبتها بعد وفاة ابيها تارة بالميراث وتارة بالنحلة، فدفعت عنها»(32).
المأمون يردّ فدكاً إلى ورثة الزّهراء
قال البلاذري: «ولما كانت سنة عشر ومائتين أمر أمير المؤمنين المأمون عبدالله بن هارون الرشيد فدفعها إلى ولد فاطمة، وكتب بذلك إلى قثم بن جعفر عامله على المدينة، أمّا بعد، فان أمير المؤمنين بمكانه من دين الله وخلافة رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم والقرابة به أولى من استن سنّته، ونفذ أمره وسلم لمن منحه منحة وتصدّق عليه بصدقة منحته وصدقته، وبالله توفيق أميرالمؤمنين وعصمته، وإليه في العمل بما يقربه إليه رغبته، وقد كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أعطى فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فدك وتصدّق بها عليها، وكان ذلك أمراً ظاهراً معروفاً لاخلاف فيه بين آل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولم تزل تدعي منه ما هو أولى به من صدق عليه، فرأى أمير المؤمنين أن يردها إلى ورثتها ويسلّمها اليهم تقرباً الى الله تعالى باقامة حقه وعدله والى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بتنفيذ أمره وصدقته، فأمر باثبات ذلك في دواوينه والكتاب به الى عمّاله، فلئن كان ينادى في كلّ موسم بعد أن قبض الله نبيه صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يذكر كلّ من كانت له صدقة أو وهبة أو عدة ذلك فيقبل قوله وينفذ عدته، إن فاطمة رضي الله عنها لأولى بأن يصدق قولها فيما جعل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لها، وقد كتب أميرالمؤمنين إلى المبارك الطبري مولى أميرالمؤمنين يأمره بردّ فدك على ورثة فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بحدودها وجميع حقوقها المنسوبة اليها وما فيها من الرقيق والغلات وغير ذلك، وتسليمها إلى محمّد بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ومحمّد بن عبدالله بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، لتولية أميرالمؤمنين اياهما القيام بها لأهلها، فاعلم ذلك من رأي أمير المؤمنين وما ألهمه الله من طاعته ووفقه له من التقرب إليه والى رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم، واعلمه من قبلك، وعامل محمّد بن يحيى ومحمّد بن عبد الله بما كنت تعامل به المبارك الطبري، وأعنهما على ما فيه عمارتها ومصلحتها ووفور غلاتها ان شاء الله، والسلام.
وكتب يوم الأربعاء لليلتين خلتا من ذي القعدة سنة عشر ومائتين، فلما استخلف المتوكّل على الله أمر بردّها إلى ما كانت عليه قبل المأمون رحمه الله»(33).
خلاصة البحث:
تلخّص ممّا قدمناه:
1 ـ أن الزهراء سلام الله عليها نازعت أبا بكر في ثلاثة أمور: النحلة والميراث وسهم ذوي القربى من الخمس.
2 ـ أن مطالبتها بفدك من باب النحلة كانت متقدمة على الأمرين الآخرين.
3 ـ أن فدك كانت خالصة لرسول الله، لأنه لم يوجف عليها المسلمون بخيل ولا ركاب.
4 ـ أن رسول الله وهب فدك لفاطمة فصارت نحلة منه لها في حياته.
5 ـ أن الزهراء عليها السلام كانت تتصرف في فدك تصرف الملاك.
6 ـ أن أبا بكر انتزع فدكاً من فاطمة واخرج وكلاءها منها.
7 ـ عندما طالبت الزهراء أبا بكر برد فدك اليها طالبها بالبينة.
8 ـ أبو بكر كان بحاجة إلى بينة لا الزهراء عليها السلام لأنها ذات يد.
9 ـ شهود الزهراء عليها السّلام.
10 ـ قضى رسول الله بشاهد ويمين، فلم لم يتأسّ به أبو بكر؟.
11 ـ لماذا دفع عثمان فدكاً إلى مروان؟.
12 ـ حرمت الزهراء عليها السلام من حقها في فدك، وظلت فدك في بني مروان إلى زمن عمر بن عبد العزيز.
(1) سورة الحشر: 6ـ7.
(2) فدك: قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان، وقيل: ثلاثة وفيها عين فوارة ونخيل كثيرة ياقوت الحموي في (معجم البلدان) ج4 ص238.
(3) وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى للسمهودي ج3 ص997.
(4) سنن أبي داود ج3 ص218، رقم 3016، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج16 ص210.
(5) شرح نهج البلاغة ج16 ص210.
«لما أجلاهم عمر بعث اليهم من يقوم الأموال، بعث أبا الهيثم بن التيهان، وفروة ابن عمرو، وحباب بن صخر وزيد بن ثابت، فقوموا أرض فدك ونخلها، فأخذها عمرو دفع اليهم قيمة النصف الذي لهم، وكان مبلغ ذلك خمسين ألف درهم اعطاهم اياها من مال أتاه من العراق وأجلاهم إلى الشام».
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج16 ص211.
فإذا كان النصف يقدر بخمسين الف درهم يكون قيمة الجميع مائة الف درهم «ويظهر أن نخلها كان كثيراً يعتد به بحيث يقطعه معاوية اثلاثاً لثلاثة اشخاص كبراء…».
(نقض الوشيعة، للسيد محسن الأمين ص498).
وروى الكليني عن علي بن محمّد بن عبدالله عن بعض أصحابنا أظنه السيارى عن علي بن أسباط قال: لما ورد أبو الحسن موسى عليه السلام على المهدي رآه يرد المظالم فقال: يا أمير المؤمنين ما بال مظلمتنا لا ترد؟ فقال له: وما ذاك يا أبا الحسن؟ قال: ان الله تبارك وتعالى لما فتح على نبيه صلّى الله عليه وآله وسلّم فدك وما والاها، لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، فأنزل الله على نبيه صلّى الله عليه وآله وسلّم: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) فلم يدر رسول الله من هم فراجع في ذلك جبرئيل، وراجع جبرئيل عليه السلام ربه فأوحى الله اليه ان أدفع فدك الى فاطمة عليها السلام، فدعاها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال لها: يا فاطمة، ان الله أمرني أن أدفع اليك فدك فقالت: قد قبلت يا رسول الله من الله ومنك = فلم يزل وكلاؤها فيها حياة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فلما ولى أبو بكر أخرج عنها وكلاءها، فأتته فسألته أن يردها عليها فقال لها: آتيني بأسود أو أحمر، يشهد لك بذلك فجائت بأميرالمؤمنين عليه السّلام وأم ايمن فشهدا لها، فكتب لها بترك التعرض، فخرجت والكتاب معها فلقيها عمر، فقال: ما هذا معك يا بنت محمّد؟ قالت: كتاب كتبه لي ابن أبي قحافة، قال: أرينيه؟ فأبت، فانتزعه من يدها ونظر فيه، ثم تفل فيه ومحاه وخرقه فقال لها: هذا لم يوجف عليه ابوك بخيل ولا ركاب فضعي الحبال في رقابنا. فقال له المهدي: يا أبا الحسن حدها لي، فقال: حدٌ منها جبل أحد، وحدٌ منها عريش مصر وحدٌ منها سيف البحر وحدٌ منها دومة الجندل، فقال له: كل هذا؟ قال: نعم يا أميرالمؤمنين، هذا كله، ان هذا مما لم يوجف على أهله رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بخيل ولا ركاب، فقال: كثيرٌ وأنظر فيه.
(اصول الكافي، كتاب الحجة ج1 ص543 الرقم 5 باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس).
(6) تفسير الدر المنثور ج4 ص177.
(7) نفس المصدر السابق.
(8) ينابيع المودة ـ باب 39 ص119.
(9) شواهد التنزيل ج1 ص443.
(10) شرح نهج البلاغة ج16 ص216.
(11) نهج البلاغة، رقم 45 من الكتب، وج4 ص77 من شرح ابن أبي الحديد طبعة بيروت القديمة.
(12) الصواعق المحرقة الباب الثاني ص31.
(13) سورة الاحزاب: 33.
(14) شرح نهج البلاغة ج16 ص 272ـ274. تجد نظير ذلك في تلخيص الشافي للشيخ الطوسي ج3 ص123.
(15) الاحتجاج للطبرسي ج1 ص90 طبعة 1401.
(16) كشف الغمة ج1 ص478.
(17) شرح نهج البلاغة ج16 ص284.
(18) سورة هود: 17.
(19) تفسير الدر المنثور ج3 ص324.
(20) فرائد السمطين ج1 ص338، رقم 260 و261.
(21) سنن أبي داود ج3 ص418، مطبعة السعادة، القاهرة 1369 وفي كتاب الأذكياء لابن الجوزي ص19: «بم شهدت يا خزيمة ولم تحضر البيع؟ قال بتصديقك يا رسول الله، إنا صدقناك بخبر السماء أفلا نصدقك بما تقول، فجعل النبي شهادته بشهادة رجلين، ولقب بذي الشهادتين».
(22) كنز العمال ج5 ص508 طبعة حيدر آباد 1374.
(23) سنن أبي داود ج3 ص419 باب القضاء باليمين والشاهد.
(24) تلخيص الشافي ج3 ص129، ادعت الأزواج ملكية البيونات وصدقهن أبو بكر من غير بينة ولا شهادة احداهن في ما ادعت، فكيف ملكت جميع النسوة الحجرات التي للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بنص الآية الشريفة، ولم تملك فاطمة عليها السّلام فدكاً؟». (هدى الملة إلى ان فدك من النحلة) للسيد محمّد حسن القزويني ص29.
(25) سورة الاحزاب: 53.
(26) سورة الطلاق: 1.
(27) الأنوار النعمانية ج1 ص88 واضافة البيوت اليهن اختصاصهن بسكناها لأن الاضافة تكفي فيها أدنى الملابسة، مثل وقرن في بيوتكن وجملة ولا تدخلوا بيوت النبي تدل على ان البيوت ملك للنبي.
(28) شرح نهج البلاغة ج16 ص274.
(29) تاريخ أبي الفداء: المختصر في اخبار البشر ج1 ص169.
(30) السنن الكبرى ج6 ص301، باب بيان مصرف أربعة اخماس الفيء بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
(31) العقد الفريد ج4 ص283 الطبعة الثانية 1381.
(32) شرح نهج البلاغة ج1 ص67 الطبعة القديمة، ولنعم ما قاله العلامة الأميني بهذا الصدد:
«انا لا اعرف كنه هذا الاقطاع وحقيقة هذا العمل، فانّ فدك ان كانت فيئاً للمسلمين، كما ادعاه أبو بكر، فما وجه تخصيصه بمروان؟ وان كان ميراثاً لآل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كما احتجت له الصديقة الطاهرة في خطبتها واحتج له أئمة الهدى من العترة الطاهرة وفي مقدمهم سيدهم أمير المؤمنين عليه وعليهم السّلام، فليس مروان منهم، ولا كان للخليفة فيه رفع ووضع، وان كان نحلة من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لبضعته الطاهرة فاطمة المعصومة صلوات الله عليها كما ادعته وشهد لها أمير المؤمنين وابناها الامامان السبطان وأم ايمن المشهود لها بالجنة فردت شهادتهم بما لا يرضى الله ولا رسوله. وإذا ردت شهادة أهل آية التطهير فبأي شيء يعتمد؟ وعلى اي حجة يعوَّل؟
ان دام هذا ولم يحدث به غير *** لم يبك ميت ولم يفرح بمولود
فان كان فدك نحله؟ فأي مساس بها لمروان؟ وأي سلطة عليها لعثمان؟ حتى يقطعها لأحد. ولقد تضاربت اعمال الخلفاء الثلاثة في أمر فدك فانتزعها أبو بكر من أهل البيت عليهم السّلام وردها عمر اليهم، واقطعها عثمان لمروان، ثم كان فيها ما كان في أدوار المستحوذين على الأمر منذ عهد معاوية وهلم جرا. فكانت تؤخذ وتعطى ويفعلون بها ما يفعلون بقضاء من الشهوات ولم يعمل برواية أبي بكر في عصر من العصور. فان صانعه الملأ الحضور على سماع ما رواه عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وحابوه وجاملوه فقد أبطله من جاء بعدها باعمالهم وتقلباتهم فيها بانحاء مختلفة». (الغدير ج8 ص238).
(33) فتوح البلدان ص46.