8 ـ تبوك(1)
روى البخاري بأسناده عن مصعب بن سعد عن أبيه انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم خرج إلى تبوك، واستخلف عليّاً، فقال: اتخلفني في الصبّيان والنساء؟ قال: ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى الاّ انّه ليس نبي بعدي»(2).
وروى الحاكم باسناده عن عامر بن سعد، يقول: «قال معاوية لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: ما يمنعك أن تسب ابن أبي طالب؟ قال: فقال: لا اسب ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لأن تكون لي واحدة منهن احب الي من حمر النعم قال له معاوية: ما هن يا أبا اسحاق؟ قال: لا اسبه ما ذكرت حين نزل عليه الوحي فأخذه علياً وابنيه وفاطمة فادخلهم تحت ثوبه ثم قال: رب ان هؤلاء أهل بيتي ولا اسبه ما ذكرت حين خلفه في غزوة تبوك غزاها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال له علي: خلّفتني مع الصبيان والنساء، قال: الا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى الاّ انّه لا نبوة بعدي ولا اسبه…»(3).
وباسناده عنه: «ان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم غزا على ناقته الجدعاء وخلّف علياً وجاء علي حتى تعدى الناقة، فقال: يا رسول الله، زعمت قريش انك انما خلّفتني انك استثقلتني وكرهت صحبتي وبكى علي رضي الله عنه فنادى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في الناس: ما منكم احد وله حاجة بابن أبي طالب اما ترضى ان تكون منّي بمنزلة هارون من موسى الاّ انه لا نبي بعدي، قال علي رضي الله عنه: رضيت عن الله عزّوجل وعن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم»(4).
وروى أحمد بن حنبل باسناده عن سعيد بن المسيب قال: «قلت لسعد بن مالك: اني اريد أن اسألك عن حديث، وأنا أهابك ان اسألك عنه فقال: لا تفعل يا ابن أخي إذا علمت ان عندي علما فسلني عنه ولا تهبني، قال: فقلت قول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لعلي حين خلفه بالمدينة في غزوة تبوك، فقال سعد: خلّف النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم علياً رضي الله عنه بالمدينة في غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله، اتخلّفني في الخالفة في النساء والنصبيان، فقال: اما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: فادبر علي مسرعاً كاني انظر إلى غبار قدميه يسطع وقد قال حماد فرجع علي مسرعاً»(5).
وفي رواية ابن عساكر: «سمعته منه، ثم أدخل اصبعيه في اذنيه وقال: نعم والاّ فاستكتا»(6).
وروى أحمد باسناده عن ابن سعد بن مالك، ثنا عن أبيه، قال: «دخلت على سعد فقلت حديثاً حدثنيه عنك حين استخلف رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم علياً رضي الله عنه على المدينة، قال: فغضب، فقال: من حدثك به فكرهت ان أخبره ان ابنه حدثنيه فيغضب عليه، ثم قال: ان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حين خرج في غزوة تبوك، استخلف علياً رضي الله عنه على المدينة فقال علي: يا رسول الله، ما كنت أحب ان تخرج وجهاً الاّ وأنا معك، فقال: أو ما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى غير انه لا نبي بعدي»(7).
قال ابن أبي الحديد: «… فقد كان معاوية حاضراً يوم الغدير، لأنه حج معهم حجة الوداع وقد كان ايضاً حاضراً يوم تبوك حتى قال له بمحضر من الناس كافة: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى»(8).
وأورد ذلك الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ج2 ص21.
وقال في ذيل الآية 59 من سورة النساء: «وهذا هو حديث المنزلة الذي كان شيخنا أبو حازم الحافظ يقول: خرّجته بخمسة آلاف اسناد»(9).
هذا، وقد رووا الحديث عن غير واحد من الصحابة كذلك، فمثلا: أخرجه أحمد عن جابر(10) والهيثمي عن البراء وزيد بن أرقم(11).
(1) لقد ثبت متواتراً عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قوله لعلي: «أنت مني بمنزلة هارون من «موسى» في مواطن عديدة، منها غزوة تبوك، فأثبتنا النصوص الدالة على قوله في غزوة تبوك لما خلفه بالمدينة في هذا الفضل وأوكلنا قوله في سائر المواطن إلى (الباب السابع والعشرين: علي وحديث المنزلة) فراجع.
(2) صحيح البخاري، باب غزوة تبوك ج6 ص3.
(3) المستدرك على الصحيحين ج3 ص108، ورواه الذهبي في تلخيص المستدرك ذيل الصفحة. وابن حجر في الاصابة ج2 ص509 واخطب خوارزم في المناقب ص59.
(4) الخصائص ص14، ص17، وتجده عن سعد في جامع الاصول ج9 ص468 واسد الغابة ج4 ص25 وأسنى المطالب لابن الجزري ص6 وتاريخ ابن كثير ج5 ص7 بأسانيد.
(5) مسند أحمد ج1 ص173.
(6) تهذيب تاريخ دمشق ج4 ص199. تجد ذلك ايضاً في ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج1 ص207.
(7) المسند ص177.
(8) شرح نهج البلاغة ج18 ص24.
(9) شواهد التنزيل ج1 ص152، وقال أبو محمّد السمرقندي: «سمعت أبا بكر الخطيب يقول: لم أر أحداً اطلق عليه اسم الحفظ غير رجلين، أبو نعيم وأبو حازم العبدوي» تذكرة الحفاظ ج3 ص1072 ط ـ بيروت.
(10) مسند أحمد ج3 ص338.
(11) مجمع الزوائد ج9 ص111.