2 ـ عمر بن الخطاب
عمر بن الخطاب بن نفيل يكنى بأبي حفص، أمه حنتمة(1)، لم يؤمن الخطاب بالله وبرسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
قال عمر للعبّاس ـ لما أجار أبا سفيان واستأمنه في فتح مكة ـ: مهلا يا عبّاس، فو الله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إليّ من اسلام الخطاب لو أسلم، وما بي إلاّ أنني قد عرفت أن اسلامك كان أحب إلى رسول الله من اسلام الخطاب لو أسلم(2).
وروى أبو عبيدة بن سلامة: قطعت يد الخطاب للسرقة في سوق عكاظ(3).
وفي كيفية اسلام عمر، روى ابن سعد باسناده عن أنس بن مالك قال: «خرج عمر متقلّداً السيف، فلقيه رجل من بني زهرة قال: أين تعمد يا عمر؟ فقال: أريد أن أقتل محمّداً! قال: وكيف تأمن في بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمّداً قال: فقال عمر: ما أراك إلا قد صبوت وتركت دينك الذي أنت عليه، قال: أفلا أدلّك على العجب يا عمر! ان ختنك واختك قد صبوا وتركا دينك الذي أنت عليه قال: فمشى عمر ذامراً حتى اتاهما وعندهما رجلٌ من المهاجرين يقال له خباب، قال: فلما سمع خباب حسّ عمر توارى في البيت فدخل عليهما فقال: ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم قال: وكانوا يقرؤون طه، فقالا: ما عدا حديثاً تحدثناه بيننا قال: فلعلكما قد صبوتما قال: فقال له ختنه: ارأيت يا عمر إن كان الحق في غير دينك، قال: فوثب عمر على ختنه فوطئه وطئاً شديداً، فجاءت أخته فدفعته عن زوجها فنفحها بيده نفحة فدمى وجهها فقالت وهي غضبى: يا عمر، ان كان الحق في غير دينك، أشهد أن لا إله إلاَّ الله، واشهد ان محمّداً رسول الله، فلما يئس عمر، فقال: اعطوني هذا الكتاب الذي عندك فأقرأه قال: وكان عمر يقرأ الكتب فقالت اخته: انك رجس ولا يمسه الاَّ المطهرون، فقم، فاغتسل أو توضأ قال: فقام عمر فتوضأ ثم اخذ الكتاب فقرأ طه حتى انتهى إلى قوله (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي)(4) قال فقال عمر: دلوني على محمّد»(5).
وقال: «أسلم عمر بعد خمسة وأربعين رجلا واحدى عشرة امرأة… وروى عن اسامة بن زيد بن اسلم عن أبيه عن جده، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: ولدت قبل الفجار الأعظم الآخر بأربع سنين، وأسلم في ذي الحجة السنة السادسة في النبوة وهو ابن ست وعشرين سنة»(6).
وقال الدميري: «ذكر التوحيدي في كتاب بصائر القدماء وسرائر الحكماء صناعة كلّ من علمت صناعته من قريش فقال… وكان عمر دلالا يسعى بين البائع والمشتري»(7).
وقال ابن الأثير: «كان عمر في الجاهلية مبرطشاً وهو الساعي بين البائع والمشتري شبه الدلال، ويروى بالسين المهملة بمعناه»(8).
وقال الزبيدي: «المبرطي» اهمله الجوهري، وقال ابن دريد: هو «الذي يكتري للناس الابل والحمير ويأخذ عليه جعلاً»(9).
وقال اسماعيل أبو الفداء: «وكان مرة في بعض حجاته فلما مر بضجنان(10) قال: لا اله الاَّ الله، المعطى ما شاء من شاء، كنت أرعى ابل الخطاب في هذا الوادي في مدرعة صوف وكان فظاً يرعبني إذا عملت، ويضر بني إذا قصرت وقد اصبحت وليس بيني وبين الله أحد»(11).
واستخلف عمر بعدما توفي أبو بكر مساء ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة، فاستقبل عمر بخلافته يوم الثلاثاء صبيحة موت أبي بكر(12) بوصيته، وقال ابن أبي الحديد: دعا أبو بكر عمر يوم موته بعد عهده اليه فقال له: اني لأرجو أن أموت في يومي هذا… وقد رأيتني متوفى رسول الله كيف صنعت وتوفي(13). فكانت ولاية عمر عشر سنين وخمسة أشهر واحدى وعشرين ليلة من متوفى أبي بكر على رأس اثنتين وعشرين سنة وتسعة أشهر وثلاثة عشر يوماً، وطعن يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين(14).
(1) الطّبقات لكاتب الواقدي ج3 ق1 ص190.
(2) سيرة ابن هشام ج4 ص45 وعيون الأثر ج2 ص169.
(3) الانساب ص4 مخطوط.
(4) سورة طه: 14.
(5) الطبقات ج3 ق1 ص191.
(6) المصدر، ص193.
(7) حياة الحيوان ج1 ص 194.
(8) النّهاية ج1 ص119، والقاموس في صفحة 364، مخطوط تحت كلمة (المبرطش).
(9) تاج العروس ج4 ص107.
(10) قال ياقوت: «قال الواقدي: بين ضجنان ومكّة خمسة وعشرون ميلا» معجم البلدان ج3 ص453، ونقله الزّبيدي عن الزّمخشري ج9 ص263.
(11) المختصر في أخبار البشر ج1 ص165، وابن سعد في الطبقات ج3 ق1 ص190 وص191 مع فرق يسير.
(12) الطبّقات ج3 ص196 ق1 .
(13) شرح نهج البلاغة ج1 ص55.
(14) الطبقات ص265.