من سبّ علياً فقد سبّ الله و رسوله
وأخرج الحاكم بأسناده عن أبي عبدالله الجدلي قال: «حججت وأنا غلام فمررت بالمدينة وإذا النّاس عنق واحد، فاتبعتهم فدخلوا على أمّ سلمة زوج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فسمعتها تقول: يا شبث بن ربعي، فأجابها رجل جلف جاف: لبيك يا اُمّاه، قالت: يسبّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في ناديكم؟ قال: وأنّى ذلك؟ قالت: فعلي بن أبي طالب، قال: انّا لنقول اشياء نريد عرض الدنّيا، قالت: فانّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: من سبّ علياً فقد سبّني، ومن سبّني فقد سبّ الله تعالى».
وبأسناده عن ابن أبي مليكة عن أبيه قال: «جاء رجل من أهل الشام، فسبّ عليّاً عند ابن عبّاس فحصبه ابن عبّاس، فقال: يا عدو الله، آذيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً)(1)، لو كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حيّاً لآذيته»(2).
وقال محمّد بن يوسف الزرندي: «وروي عن ابن عبّاس رضي الله عنه انّه مرّ على مجلس من مجالس قريش بعد ما كف بصره وبعض أولاده يقوده، فسمعهم يسبون علياً رضي الله عنه فقال لقائده: ما سمعتهم يا بني يقولون؟ قال: سبّوا علياً رضي الله عنه قال: ردّني اليهم فرّده، فلما وقف به عليهم، قال: ايكم السابّ لله عزّوجلّ؟ قالوا: سبحان الله، من سبّ الله فقد كفر، قال: فأيكم الساب رسول الله؟ قالوا: سبحان الله ومن سبّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقد كفر، قال: فأيكم الساب علي بن أبي طالب رضي الله عنه؟ قالوا: أما هذا فقد كان!! قال: فأنا اشهد بالله اني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: من سبّ علياً فقد سبني ومن سبني فقد سب الله عزّوجل، ومن سب الله أكّبه الله على منخريه في النّار، ثم ولّى عنهم، فقال لولده ما سمعتهم يقولون؟ فقال: ما قالوا شيئاً، قال: فكيف رأيت وجوههم حين قلت لهم ما قلت؟ قال:
نظروا اليك بأعين محمرة *** نظر التيوس إلى شفار الجازر
فقال له: ردني فداك أبوك، قال:
خزر العيون نواكس ابصارهم *** نظر الذليل إلى العزيز القاهر
قال: زدني فداك أبوك، قال: ما عندي مزيد، فقال: لكن عندي:
احياؤهم عار على امواتهم *** والميتون فضيحة للغابر»(3).
وروى عن صدى قال: «بينا أنا ألعب وأنا غلام بالمدينة عند أحجار الزيت إذ أقبل رجل راكب على بعير فوقف يسب علياً رضي الله عنه، فحفّ به النّاس ينظرون إليه، فبينا هو كذلك إذ طلع سعد بن مالك فقال: ما هذا؟ قالوا: يشتم علياً فقال: اللهم ان كان كاذباً فخذه. وفي رواية: اللّهم ان كان يسبّ عبداً صالحاً فأر المسلمين خزيه، فما لبث ان تعثر به بعيره فسقط واندقت عنقه وخبطه بعيره فكسره وقتله»(4).
وروى الحمويني بإسناده عن أبي سعيد الخدري، قال: «اشتكى علياً النّاس فقام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم خطيباً فسمعته يقول: ايّها النّاس، لا تشكوا علياً فو الله انّه لأخيشن في ذات الله أو في سبيل الله عزّوجلّ»(5).
وروى الخوارزمي بإسناده عن علي بن زيد قال سعيد بن المسيّب: «مر غلامك فلينظر إلى وجه هذا، فقلت: وما هو؟ قال: انّه كان يسب علياً عليه السّلام فسوّد الله وجهه»(6).
وروى ابن عساكر بإسناده عن عيسى بن عبدالله مولى بني تميم عن شيخ من بني هاشم، قال: «رأيت رجلا بالشام قد اسودّ نصف وجهه وهو يغطيه، فسألته عن سبب ذلك، فقال: نعم قد جعلت لله عليّ ان لا يسألني أحد عن ذلك الاّ أخبرته، كنت شديد الوقيعة في عليّ بن أبي طالب كثير الذكر له بالمكروه، فبينا انّا ذات ليلة نائم، أتاني آت في منامي، فقال: أنت صاحب الوقيعة في علي وضرب شقّ وجهي، فأصبحت وشقّ وجهي أسود كما ترى»(7).
وروى محبّ الدّين الطّبري، بأسناده عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: «اشهد بالله، لسمعته من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: من سبّ علياً فقد سبّني ومن سبّني فقد سبّ الله ومن سبّ الله عزّوجلّ، اكبّه الله على منخريه»(8).
وأخرج الحاكم بإسناده عن علي بن أبي طلحة، قال: «حججنا فمررنا على الحسن بن علي بالمدينة ومعنا معاوية بن خديج، فقيل للحسن: ان هذا معاوية بن خديج الساب لعلي، فقال: عليّ به، فاُتي به، فقال: أنت الساب لعليّ؟ فقال: ما فعلت، فقال: والله ان لقيته ـ وما احسبك تلقاه يوم القيامة ـ لتجده قائماً على حوض رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يذود عنه رايات المنافقين، بيده عصا من عوسج. حدّثنيه الصادق المصدق وقد خاب من افترى»(9).
وروى البدخشي بأسناده عن الحسين بن علي، انّ النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «لا تسبّوا عليّاً فانّه من سبّ عليّاً فقد سبّني، ومن سبّني فقد سبّ الله ومن سبّ الله فقد عذّبه الله»(10).
(1) والآية في سورة الأحزاب: 57.
(2) المستدرك على الصحّيحين ج3 ص121 ورواه المتّقي في كنز العمّال ج11 ص602 ومنتخب الكنز بهامش مسند أحمد ج5 ص30.
(3) نظم دُرر السّمطين ص105 ورواه الوّصابي في أسنى المطالب الباب الثّامن ص43 رقم 10.
(4) نظم درر السّمطين ص106، ورواه الحمويني ج1 ص304، والخوارزمي، الفصل 25 ص274.
(5) فرائد السمطين ج1 164، الحديث 126، ورواه المتّقي في منتخب كنز العمّال بهامش مسند أحمد ج5 ص34.
(6) المناقب، الفصل الخامس والعشرون ص274.
(7) ترجمة الإمام علّي بن أبي طالب من تاريخ مدينه دمشق ج3 ص263 رقم 1338.
(8) ذخائر العقبى ص66، ورواه الحضرمي في وسيلة المآل ص220، والسيد شهاب الدين أحمد بأسناده عن جابر وابن عبّاس في توضيح الدلائل ص369 مع فرق.
(9) المستدرك على الصحّيحين ج3 ص138، ورواه الزرندي في نظم درر السمطين ص108 والكنجي في كفاية الطالب ص88.
(10) مفتاح النّجاء ص9.