مكاتبة علي و معاوية:
قال ابن قتيبة: «وذكروا ان معاوية كتب إلى علي: أما بعد فلعمري لو بايعك القوم الذين بايعوك وأنت بريء من دم عثمان كنت كأبي بكر وعمر وعثمان، ولكنك أغريت بعثمان المهاجرين وخذلت عنه الأنصار فأطاعك الجاهل وقوى بك الضعيف، وقد أبى أهل الشام إلا قتالك حتى تدفع اليهم قتلة عثمان، فإذا دفعتهم كانت شورى بين المسلمين وقد كان أهل الحجار أعلا الناس وفي أيديهم الحق فلما تركوه صار الحق في أيدي أهل الشام، ولعمري ما حجتك على أهل الشام كحجتك على أهل البصرة ولا حجتك عليَّ كحجتك على طلحه والزبير، لأن أهل البصرة بايعوك ولم يبايعك أحد من أهل الشام وأن طلحة والزبير بايعاك ولم أبايعك، وأما فضلك في الإسلام وقرابتك من النبي عليه السّلام فلعمري ما أدفعه ولا أنكره»(1).
وقال ابن قتيبة: «قالوا: فكتب اليه علي: أما بعد، فقد جاءني منك كتاب امرىء ليس له بصر يهديه ولا قائد يرشده دعاه الهوى فأجابه وقاده فاستقاده. زعمت أنه افسد عليك بيعتي خطيئتي في عثمان، ولعمري ما كنت الاّ رجلا من المهاجرين أوردت كما أوردوا وأصدرت كما أصدروا، وما كان الله ليجمعهم على ضلال ولا ليضربهم بالعمى وما أمرت فيلزمني قصاص القاتل، وأما قولك أن أهل الشام هم الحكام على الناس فهات رجلا من قريش الشام يقول في الشورى أو تحل له الخلافة، فان سميت كذبك المهاجرون والانصار والاّ أتيتك من قريش الحجاز، واما قولك ندفع اليك قتلة عثمان فما أنت وعثمان انما أنت رجل من بني أمية وبنو عثمان أولى بعثمان منك، فان زعمت أنك اقوى على ذلك فأدخل في الطاعة ثم حاكم القوم إليّ وأما تمييزك بين الشام والبصرة وذكرك طلحة والزبير، فلعمري ما الأمر الاّ واحد انّها بيعة عامة لا ينثني عنها البصير ولا يستأنف فيها الخيار. وامّا ولوعك في أمر عثمان فوالله ما قلت ذلك عن حق العيان ولا عن تيقن الخبر.
وامّا فضلي في الإسلام وقرابتي من رسول الله عليه السّلام وشرفي في قريش، فلعمري لو استطعت دفعه لدفعته»(2).
(1) الامامة والسياسة ج1 ص94.
(2) الامامة والسياسة ج1 ص95. ورواه مع اختلاف يسير في الالفاظ: نصر بن مزاحم في وقعة صفين ص57.