مقارنة بين فعل علي يوم الجمل و فعله يوم صفين:
قال المسعودي: «وقد تكلم طوائف من الناس ممن سلف وخلف من أهل الآراء من الخوارج وغيرهم في فعل علي يوم الجمل وصفين، وتباين حكمه فيهما، من قتله من أهل صفين مقبلين ومدبرين واجهازه على جرحاهم، ويوم الجمل لم يتبع مولياً، ولا اجهز على جريح، ومن القى سلاحه أو دخل داره كان آمناً، وما اجابهم به شيعة علي في تباين حكم علي في هذين اليومين لاختلاف حكمهما، وهي أن اصحاب الجمل لما انكشفوا لم يكن لهم فئة يرجعون اليها، وانما رجع القوم إلى منازلهم، غير محاربين ولا منابذين ولا لأمره مخالفين، فرضوا بالكف عنهم، وكان الحكم فيهم رفع السيف اذ لم يطلبوا عليه اعواناً. وأهل صفين كانوا يرجعون إلى فئة مستعدة، وإمام منتصب، يجمع لهم السلاح ويسنى لهم الأعطية ويقسم لهم الأموال ويجبر كسيرهم ويحمل راجلهم ويردهم، فيرجعون إلى الحرب، وهم إلى امامته منقادون ولرأيه متبعون، ولغيره مخالفون ولامامته تاركون، ولحقّه جاحدون، وبانه يطلب ما ليس له قائلون، فاختلف الحكم لما وصفنا، وتباين حكماهما لما ذكرنا، ولكل فريق من السائل والمجيب كلام يطول ذكره ويتسع شرحه»(1).
(1) مُروج الذهب ج2 ص421.