قتل الخوارج لعبد الله بن خباب:
قال ابن الأثير: «قيل: لما اقبلت الخارجة من البصرة حتى دنت من النهروان رأى عصابة منهم رجلا يسوق بامرأة على حمار، فدعوه فانتهروه فافزعوه وقالوا له: من أنت؟ قال: أنا عبدالله بن خباب صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالوا له: افزعناك؟ قال: نعم، قالوا: لا روع عليك، حدّثنا عن أبيك حديثاً سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تنفعنا به فقال: حدّثني أبي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم انه قال: تكون فتنة يموت فيها قلب الرجل كما يموت فيها بدنه يمسي فيها مؤمناً ويصبح كافراً ويصبح كافراً ويمسي مؤمناً، قالوا: لهذا الحديث سألناك فما تقول في أبي بكر وعمر؟ فأثنى عليهما خيراً، قالوا: ما تقول في عثمان في أول خلافته وفي آخرها؟ قال: انه كان محقاً في اولها وفي آخرها، قالوا: فما تقول في علي قبل التحكيم وبعده؟ قال: انه اعلم بالله منكم واشد توقياً على دينه وانفذ بصيرة، فقالوا: انك تتبع الهوى وتوالي الرجال على اسمائها لا على افعالها، والله لنقتلنك قتلةً ما قتلناها احداً.
فأخذوه وكتفوه ثم اقبلوا به وبامرأته، وهي حبلى متم، حتى نزلوا تحت نخل مواقير، فسقطت منه رطبة، فأخذها احدهم فتركها في فيه فقال آخر: أخذتها بغير حلها وبغير ثمن، فالقاها ثم مر بهم خنزير لأهل الذمة فضربه أحدهم بسيفه، فقالوا: هذا فساد في الأرض فلقى صاحب الخنزير فأرضاه، فلما رأى ذلك منهم ابن خباب قال: لئن كنتم صادقين فيما ارى فما علي منكم من بأس، اني مسلم ما احدثت في الاسلام حدثاً، ولقد آمنتموني قلتم: لا روع عليك فاضجعوه فذبحوه، فسأل دمه في الماء، وأقبلوا إلى المرأة فقالت: أنا امرأة الا تتقون الله! فبقروا بطنها، وقتلوا ثلاث نسوة من طيء، وقتلوا أم سنان الصيداوية.
فلما بلغ علياً قتلهم عبدالله بن خباب واعتراضهم الناس، بعث اليهم الحارث بن مرة العبدي ليأتيهم وينظر ما بلغه عنهم ويكتب به اليه ولا يكتمه، فلما دنا منهم يسائلهم قتلوه، وأتى علياً الخبر والناس معه، فقالوا: يا أميرالمومنين، علام ندع هؤلاء وراءنا يخلفوننا في عيالنا واموالنا؟ سر بنا إلى القوم فإذا فرغنا منهم سرنا إلى عدونا من أهل الشام»(1).
(1) الكامل لابن الأثير ج3 ص341، وأورد القضية بكاملها: الطبري في تاريخه ج5 ص81ـ82.