الباب السّادِس: عليٌّ (عليه السلام) و الهجرَة
1 ـ عليٌ عليه السّلام يهاجر إلى المدينة.
2 ـ عليٌ عليه السّلام قاضي دين رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
3 ـ عليٌ عليه السّلام منجز عدة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
4 ـ عليٌ عليه السّلام موضع سر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
علّي يهاجر إلى المدينة
قال البلاذري: «ولما هاجر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى المدينة أمر عليّاً بالمقام بعده بمكّة حتّى أدّى ودائع كانت عند رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم للنّاس، فأقام ثلاثاً ثم لحق به، فنزل معه على كلثوم بن الهدم الأنصاري، فآخى بينه وبين نفسه»(1).
وروى الكنجي باسناده عن علّي عليه السّلام، قال: «لمّا خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى المدينة في الهجرة أمرني أن اقيم بعده حتّى أؤدّي ودائع كانت عنده للنّاس، وانّما كان يسمّى الأمين، فأقمت ثلاثاً وكنت أظهر، ما تغيبت يوماً واحداً، ثم خرجت فجعلت اتبع طريق رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حتّى قدمت على بني عمرو بن عوف ورسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مقيم، فنزلت على كلثوم بن الهدم، وهناك منزل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم»(2).
وروى ابن عساكر باسناده عن أبي رافع «أنّ عليّاً كان يجهزّ النبّي صلّى الله عليه وآله وسلّم حين كان بالغار، ويأتيه بالطعام، واستأجر له ثلاث رواحل، للنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ولأبي بكر ودليلهم ابن أرهط، وخلّفه النبّي صلّى الله عليه وآله وسلّم فخرج إليه أهله، وأمره أن يؤدّي عنه أمانته ووصايا من كان يوصي إليه وما كان يؤتمن عليه من مال، فأدّى امانته كلّها، وأمره ان يضطجع على فراشه ليلة خرج وقال: انّ قريشاً لن يفتقدوني ما رأوك، فاضطجع عليّ عليه السّلام على فراشه، وكانت قريش تنظر إلى فراش النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فيرون عليه رجلا يظنّونه النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، حتّى إذا اصبحوا رأوا عليه عليّاً فقالوا: لو خرج محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم لخرج بعلّي معه، فحبسهم الله عزّوجلّ بذلك عن طلب النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم حين رأوا عليّاً ولم يفقدوا النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأمر النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عليّاً أن يلحقه بالمدينة، فخرج عليّ في طلبه بعدما أخرج إليه، فكان يمشي من الليّل ويكمن بالنّهار حتّى قدم المدينة، فلمّا بلغ النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قدومهم قال: ادعوا لي عليّاً فقالوا: انّه لا يقدر ان يمشي فأتاه النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، فلمّا رآه النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم اعتنقه وبكى رحمة له ممّا رأى بقدميه من الورم وكانتا تقطران دماً، فتفل النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في يديه ثمّ مسح بهما رجليه ودعا له بالعافية، فلم يشتكهما عليّ حتّى استشهد»(3).
وقال الوصّابي: «قال ابن اسحاق: اقام علي بن أبي طالب بمكة بعد النبّي صلّى الله عليه وآله وسلّم ثلاث ليالي وايّامها حتّى ادّى عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الودايع الّتي كانت عنده للنّاس، فلمّا فرغ منها لحق برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فنزل معه على كلثوم بن هدم ولم يقم بقبا(4) الاّ ليلة او ليلتين.
وعن اسامة بن زيد رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم للعبّاس ان عليّاً سبقك بالهجرة»(5).
وقال ابن حجر: «لمّا هاجر النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أمره ان يقيم بعده بمكّة ايّاماً يؤدّي عنه امانته والودائع والوصايا الّتي كانت عند الّتي صلّى الله عليه وآله وسلّم ثمّ يلحقه بأهله ففعل ذلك»(6).
أقول: هاجر النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من مكّة إلى المدينة غرّة ربيع الأوّل من السنة الثالثة عشرة من المبعث، وفي هذه الليلة بات أميرالمؤمنين على فراش النّبي، وكانت ليلة الخميس، وفي الليلة الرّابعة كان خروجه من الغار متوجّهاً إلى المدينة، وفي يوم الثّاني عشر منه كان قدوم النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم المدينة عند زوال الشّمس.
(1) انساب الاشراف ج2 ص91، الحديث 7.
(2) كفاية الطالب ص322.
(3) ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج1 ص138، الحديث 189 ورواه الطبرسي من أصحابنا عن أبي رافع كذلك، إعلام الورى ص190.
(4) قال ياقوت: «واقام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بقبا يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس، وركب يوم الجمعة يريد المدينة» معجم البلدان ج4 ص302.
(5) أسنى المطالب، الباب الأول ص6.
(6) الصّواعق المحرقة ص72.