علّي منجز عدة رسول الله
روى الخوارزمي باسناده عن أنس، عن سلمان قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «عليّ بن أبي طالب ينجز عداتي ويقضي ديني»(1).
وباسناده عن حبشي بن جنادة قال: «كنت جالساً عند أبي بكر الصّديق فقال: من كانت له عند رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عدة فليقم، فقام رجل فقال: يا خليفة رسول الله، إنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم وعدني ثلاث حثيات من تمر فأحثها لي، فقال: ارسلوا إلى علي، فجاء، فقال له: يا أبا الحسن، انّ هذا يزعم ان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وعده ان يحثي له ثلاث حثيات من تمر فأحثها له، فلمّا حثاها له، قال له أبو بكر: عدّوها فعدّوها، فوجدوها في كلّ حثية ستّين تمرة لا تزيد واحدة على الأخرى، فقال أبو بكر الصديق: صدق الله ورسوله، قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ليلة الهجرة ـ ونحن خارجون من الغار نريد المدينة ـ يا أبا بكر، كفّي وكفّ علّي في العدد سواء»(2).
وروى الوصابي باسناده عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لعلّي بن أبي طالب: «ألا رضيتك يا علّي، انت أخي ووزيري، تقضي ديني وتنجز موعدي وتبرىء ذمّتي، فمن احبّك في حياة منّي فقد قضى نحبه، ومن احبّك في حياة منك بعدي ختم الله له بالأمن والايمان، ومن احبّك بعدي وبعدك ولم يرك ختم الله له بالأمن والايمان وآمنه من الفزع الأكبر، ومن مات وهو يبغضك يا علّي، مات ميتة جاهلية ليحاسبه الله ما عمل في الإسلام»(3).
أقول: كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يأمر بالوفاء وينهى عن خلف الوعد، وكان يفي بما يعد، وعندما أراد الهجرة من مكّة أمر عليّاً بانجاز عداته وقد ولّى علّياً في ردّ الودائع لما هاجر إلى المدينة، واستخلفه في أهله وماله، فأمره أن يؤدّي عنه كلّ دين وكلّ وديعة، وأوصى إليه بقضاء ديونه… لأنّه صلّى الله عليه وآله كان اميناً، فلما أدّاها قام على الكعبة فنادى بصوت رفيع: يا ايّها النّاس هل من صاحب أمانة؟ هل من صاحب وصيّة؟ هل من له عدة قبل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؟ فلما لم يأت احد لحق بالنّبي، وكان ذلك دلالة على خلافته وامامته وشجاعته.
(1) المناقب الفصل السّادس، ص27.
(2) المصدر، الفصل التّاسع عشر ص210، ورواه الحمويني في فرائد السمطين ج1 ص50.
(3) أسنى المطالب، الباب الثّالث، الحديث 10.