علّي كناه رسول الله أبا تراب
روى أحمد والنسائي وغيرهما بالإسناد عن عمّار بن ياسر قال: «كنت أنا وعلي بن أبي طالب رفيقين في غزوة العشيرة من بطن ينبع، فلما نزلها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أقام بها شهراً فصالح فيها بني مدلج وحلفاءهم من ضمرة فوادعهم فقال لي علي رضي الله عنه: هل لك يا أبا اليقظان أن نأتي هؤلاء نفر من بني مدلج يعملون في عين لهم فننظر كيف يعملون؟ قال: قلت: ان شئت، فجئناهم فنظرنا إلى اعمالهم ساعة ثم غشينا النوم فانطلقت أنا وعلي حتى اضطجعنا في ظلم صور من النخل وفي دقعاء من التراب فنمنا، فوالله ما أهبنا الا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يحركنا برجله وقد تربنا من تلك الدقعاء التي نمنا فيها، فيومئذ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لعلي رضي الله عنه: ما لك يا أبا تراب، لما يرى عليه من التراب. ثم قال: ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: احيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك على هذه ـ ووضع يده على قرنه ـ حتى يبل منها هذه وأخذ بلحيته»(1).
وروى الهيثمي عن أبي الطفيل، قال: «جاء النبي وعلي رضي الله عنه نائم في التراب، فقال: ان احقّ اسمائك أبو تراب، أنت أبو تراب»(2).
وروى ابن حجر باسناده عن سهل «ان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وجد علياً مضطجعاً في المسجد، وقد سقط رداءه عن شقه فأصابه تراب، فجعل النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يمسحه عنه ويقول: قم أبا تراب، فلذلك كانت هذه الكنية أحبّ الكنى اليه، لأنه صلّى الله عليه وآله وسلّم كناه بها»(3).
قال البلاذري: «وكنّاه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أبا تراب وكان يقول: هي أحبّ كنيتي اليّ، وقد اختلفوا في سبب تكنيته بأبي تراب، فقال بعضهم: مرّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في غزاة وكان هو وعمّار بن ياسر نائمين على الأرض، فجاء ليوقظهما فوجد علياً قد تمرغ في البوغاء، فقال له: اجلس يا أبا تراب»(4).
وروى الكنجي باسناده عن سماك بن حرب، قال: «قلت لجابر بن عبد الله: ان هؤلاء القوم يدعونني إلى شتم علي بن أبي طالب. قال: وما عسيت ان تشتمه به قال: اكنيه بأبي تراب قال: فوالله ما كانت لعلي كنية أحب إليه من أبي تراب، ان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم آخى بين الناس ولم يواخ بينه وبين أحد، فخرج مغضباً حتى أتى كثيباً من رمل فنام عليه، فأتاه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: قم يا أبا تراب، أغضبت أن آخيت بين الناس ولم أواخ بينك وبين أحد؟ قال: نعم، قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أنت أخي وأنا أخوك»(5).
(1) الفضائل (المناقب) ج2 الحديث 13 الخصائص ص39 ورواه ابن عساكر في ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج3 ص285 الحديث 1377.
(2) مجمع الزوائد ج9 ص101 ورواه ابن عساكر في ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج1 ص24 الحديث 34.
(3) الصواعق المحرقة ص75 الحديث الأربعون، ورواه المتقي في منتخب كنز العمال ـ بهامش المسند ـ ج5 ص. 36
(4) انساب الاشراف ج2 ص89 الحديث 2، والبوغاء: الغبار.
(5) كفاية الطالب ص193، ورواه الخوارزمي في المناقب، الفصل الأول ص7.