علّي خليفة رسول الله
وما أكثر الأحاديث الواردة عن النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في هذا المعنى، وقد تقدّم بعضها في الأبواب السابقة كحديث العشرة، ومنها ما سنذكره:
روى الخوارزمي باسناده عن ابن عبّاس: «وخرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في غزوة تبوك وخرج الناس معه، فقال له علي عليه السّلام. أخرج معك؟ فقال له النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: لا، فبكى علي عليه السّلام فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا انّه ليس بعدي نبي، انّه لا ينبغي أن أذهب إلاّ وأنت خليفتي»(1).
وفي رواية عن سعد «إنّ المدينة لا تصلح الاّ بي أو بك»(2).
وروى الكنجي باسناده عن ابن عبّاس، قال: «ستكون فتنة، فمن أدركها منكم فعليه بخصلة من كتاب الله تعالى وعليّ بن أبي طالب عليه السّلام، فانّي سمعت رسول الله وهو يقول: هذا أول من آمن بي، وأول من يصافحني، وهو فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظّلمة، وهو الصدّيق الأكبر، وهو بابي أوتى منه، وهو خليفتي من بعدي»(3).
وروى ابن عساكر باسناده عن سلمان قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: انّ أخي وخليفتي في أهلي علي بن أبي طالب عليه السّلام»(4).
وعن أنس بن مالك قال: «كنّا إذا أردنا أن نسأل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أمرنا عليّ بن أبي طالب أو سلمان الفارسي أو ثابت بن معاذ الأنصاري، لانهم كانوا أجرأ اصحابه على سؤاله، فلما نزلت: (إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ)(5) وعلمنا أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم نعيت اليه نفسه، قلنا لسلمان: سل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من يسند إليه أمورنا ويكون مفزعنا ومن أحبّ الناس إليه؟ فلقيه فسأله فأعرض عنه ثم سأله فأعرض عنه، فخشي سلمان أن يكون رسول الله قد مقته ووجد عليه، فلما كان بعد لقيه قال: يا سلمان، يا أبا عبدالله، ألا أحدثك عمّا كنت سألتني؟ فقال: يا رسول الله، انّي خشيت أن تكون مقتَّني ووجدت عليَّ؟ قال: كلا يا سلمان، ان أخي ووزيري وخليفتي في أهل بيتي وخير من تركت بعدي يقضي ديني وينجز موعدي: عليّ بن أبي طالب»(6).
وروى الخوارزمي بإسناده عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عن أبيه عن جدّه قال: قال عليّ عليه السّلام: قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لما أسرى بي إلى السماء ثم من السماء إلى سدرة المنتهى، وقفت بين يدي ربي عزّوجلّ فقال: يا محمّد، قلت: لبيك وسعديك، قال: قد بلوت خلقي فأيّهم رأيت اطوع لك؟ قال: قلت: يا ربي علياً، قال: صدقت يا محمّد، فهل اتخذت لنفسك خليفة يؤدّي عنك يعلّم عبادي من كتابي ما لا يعلمون؟ قال: قلت: يا رب اخترلي، فانّ خيرتك خيرتي، قال: إخترت لك عليّاً فاتخذه لنفسك خليفة ووصيّاً، ونحلته علمي وحلمي، وهو أميرالمؤمنين حقّاً، لم ينلها أحد قبله وليست لأحد بعده، يا محمّد، عليّ راية الهدى وامام من أطاعني ونور أوليائي وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين، من أحبّه فقد أحبّني ومن أبغضه فقد أبغضني، فبشره يا محمّد بذلك، فقال النبي: قلت ربّي فقد بشرته، فقال: أنا عبدالله وفي قبضته ان يعاقبني فبذنوبي لم يظلمني شيئاً وان تمم لي وعدي فانّه مولاي، قال: أجل، قال: قلت: يا ربّ واجعل ربيعه الايمان، قال: قد فعلت ذلك به يا محمّد، غير انّي مختص له بشيء من البلاء لم أخص به أحداً من أوليائي، قال: قلت: يا رب أخي وصاحبي، قال: قد سبق في علمي انّه مبتلى، ولولا عليّ لم يعرف حزبي ولا أوليائي ولا أولياء رسلي»(7).
وروى المتّقي باسناده عن علي عليه السّلام ان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «خلّفتك أن تكون خليفتي، قلت: اتخلّف عنك يا رسول الله؟ قال: ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى الاّ انّه لا نبي بعدي»(8).
وروى القندوزي الحنفي باسناده عن علي الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي ابن أبي طالب سلام الله عليهم قال: «بينا أنا أمشي مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في بعض طرق المدينة، اذ لقينا شيخ طويل كثّ اللحية بعيد ما بين المنكبين، فسلّم على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ورحب به ثم التفت إلي، فقال: السلام عليك يا رابع الخلفاء ورحمة الله وبركاته، ثم قال: أليس كذلك هو يا رسول الله؟ فقال له: بلى، ثم مضى فقلت: يا رسول الله ما معنى قول هذا الشيخ الذي قال لي وتصديقك قوله؟ قال: أنت كذلك والحمد لله، ان الله تبارك وتعالى قال في كتابه (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)(9) وقال: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الاَْرْضِ)(10) وقال حكاية عن موسى حين قال لهارون (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ)(11) اذ استخلفه موسى في قومه. وقال تعالى: (وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ)(12) فكنت أنت المبلغ عن الله تعالى وعن رسوله، وأنت وصيّي، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى الا انّه لا نبي بعدي، فأنت رابع الخلفاء كما قال لك الشيخ، قلت: من هو؟ قال: ذاك أخوك الخضر فاعلمه»(13).
(1) المناقب الفصل الثّاني عشر ص74، ورواه النّسائي في الخصائص ص9.
(2) مفتاح النّجاء ص70.
(3) كفاية الطالب ص187.
(4) ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج1 ص78.
(5) سورة النصر : 1 .
(6) المصدر ج1 ص115.
(7) المناقب الفصل التاسع عشر ص214.
(8) منتخب كنز العمّال بهامش مسند أحمد ج5 ص53.
(9) سورة البقرة: 30.
(10) سورة ص : 26 .
(11) سورة الاعراف: 142.
(12) سورة التّوبة: 3.
(13) ينابيع المودّة الباب الخامس والتسعون ص496.