علّي حبيب رسول الله و صفّيه
روى النّسائي بأسناده عن علي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «أما أنت يا علّي، أنت صفّيي وأميني»(1).
وروى الخوارزمي بأسناده عن أبي جعفر محمّد بن علي عن أبيه عن جدّه، قال: «قال علي عليه السّلام: قال النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: لمّا اسرى بي الى السمّاء، ثمّ من السّماء إلى سدرة المنتهى، وقفت بين يدي ربي عزّوجلّ، فقال لي: يا محمّد، قلت: لبيكّ وسعديك، قال: قد بلوت خلقي فأيّهم رأيت أطوع لك؟ قال: قلت: يا ربّي علّياً؟ قال: صدقت يا محمّد، فهل اتّخذت لنفسك خليفة يؤدّي عنك يعلّم عبادي من كتابي ما لا يعلمون، قال: قلت: يا ربّ اخترلي، فان خيرتك خيرتي، قال: اخترت لك علياً عليه السّلام فاتّخذه لنفسك خليفة ووصيّاً، ونحلته علمي وحلمي وهو أميرالمؤمنين حقاً لم ينلها أحد قبله، وليست لأحد بعده. يا محمّد، علي راية الهدى وامام من اطاعني، ونور اوليائي، وهو الكلمة الّتي الزمتها المتّقين، من احبّه فقد احبّني ومن أبغضه فقد أبغضني، فبشّره يا محمّد بذلك، فقال النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: قلت: ربّي فقد بشرته. فقال: انا عبد الله وفي قبضته ان يعاقبني فبذنوبي لم يظلمني شيئاً وان تمم لي وعدي فانّه هو مولاي قال: اجل، قال: قلت يا ربّ واجعل ربيعه الايمان، قال: قد فعلت ذلك به يا محمّد، غير اني مختص له بشيء من البلاء لم اخص به احداً من اوليائي قال: قلت يا ربّ أخي وصاحبي قال: قد سبق في علمي انّه مبتلى ولو لا علي لم يعرف حزبي ولا اوليائي ولا اولياء رسلي»(2).
وروى الكنجي بأسناده عن عبدالله بن بريدة، عن أبيه، قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أمرني الله عزّوجلّ بحبّ أربعة، وأخبرني انّه يحبّهم، قال: قلنا يا رسول الله، من هم؟ فكلّنا يحبّ ان يكون منهم، قال: انّك يا علّي منهم، انّك يا علّي منهم، انّك يا علّي منهم.
هذا سند مشهور عند أهل النقل، وقد سألت بعض مشايخي: هذا السائل من هو؟ فقال: هو علّي، قلت: من الثلاثة الباقون؟ فقال: هم الحسن والحسين وفاطمة.
قلت: في هذا الخبر دلالة على عناية الحقّ عزّوجلّ بهم صلوات الله عليهم، وأمر الله سبحانه يقتضي الوجوب، فإذا كان الأمر للرّسول فيما لا يقتضي الخصوص دلّ على وجوبه على الأمّة، واقتضاء الوجوب دلالة على محبّة الحقّ عزَّوجلّ بمتابعة الرّسول بدليل قوله عزّوجلّ(3): (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ)(4).
أقول: أمر الله تعالى نبّيه بالحمد له والسّلام على عباده الّذين اصطفى، فقال: (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى) فمن هم هؤلاء العباد الّذين يلزم الله نبّيه بالسّلام عليهم؟ هل هم الأنبياء الّذين اصطفاهم الله واجتباهم واختارهم على بريّته(5) أو الاوصياء، أم آل محمّد عليهم السّلام؟(6).
وهنا نسأل من ابن عبّاس حبر الأمّة وابن عم الرسول، من حبيب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وصفيّه من بين الصحابة؟. فيجيب: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «يا علي أنت صاحب حوضي وصاحب لوائي وحبيب قلبي ووصيّي ووارث علمي، وأنت مستودع مواريث الانبياء من قبلي وأنت امين الله في أرضه وحجّة الله على بريّته، وأنت ركن الايمان وعمود الاسلام، وأنت مصباح الدّجى ومنار الهدى، والعلم المرفوع لأهل الدّنيا، يا علي من اتبعك نجا ومن تخلّف عنك هلك، وأنت الطريق الواضح والصراط المستقيم، وأنت قائد الغرّ المحجّلين ويعسوب المؤمنين وأنت مولى من أنا مولاه وأنا مولى كلّ مؤمن ومؤمنة، لا يحبّك الاّ طاهر الولادة، ولا يبغضك الاّ خبيث الولادة، وما عرجني ربّي عزّوجلّ إلى السّماء وكلَّمني ربّي إلاّ قال: يا محمّد، إقرأ علّياً مني السّلام وعرفه انّه امام اوليائي، نور أهل طاعتي وهنيئاً لك هذه الكرامة»(7).
(1) خصائص أميرالمؤمنين ص20.
(2) المناقب، الفصل التّاسع عشر ص215.
(3) كفاية الطّالب ص95، 96.
(4) سورة آل عمران: 31.
(5) مجمع البيان ج4 ص228 طبع صيدا.
(6) تفسير القمي ج2 ص129.
(7) ينابيع المودّة ص133.