علي يحذّر عن الانخداع بهذه الخديعة:
قال المسعودي: «فلما رأى كثير من أهل العراق ذلك قالوا: نجيب إلى كتاب الله وننيب إليه، وأحب القوم الموادعة وقيل لعلي: قد أعطاك معاوية الحق ودعاك إلى كتاب الله فاقبل منه، وكان أشدهم في ذلك اليوم الأشعث بن قيس فقال علي: ايها الناس، انه لم يزل من أمركم ما أحب حتى قرحتكم الحرب وقد والله أخذت منكم وتركت واني كنت بالأمس اميراً فاصبحت اليوم مأموراً، وقد أحببتم البقاء، فقال الاشتر: ان معاوية لا خلف له من رجاله ولك بحمد الله الخلف، ولو كان له مثل رجالك لما كان له مثل صبرك ولا نصرك، فاقرع الحديد بالحديد واستعن بالله، وتكلم رؤساء أصحاب علي بنحو من كلام الاشتر، فقال الاشعث ابن قيس: انا لك اليوم على ما كنا عليه أمس، ولسنا ندري ما يكون غداً، وقد والله قلّ الحديد وكلت البصائر، وتكلم معه غيره بكلام كثير، فقال علي: ويحكم انهم ما رفعوها لأنكم تعلمونها ولا يعلمون بها، وما رفعوها لكم الا خديعة، ودهاء ومكيدة، فقالوا له: انه ما يسعنا أن ندعى إلى كتاب الله فنأبي أن نقبله، فقال: ويحكم انما قاتلتهم ليدينوا بحكم الكتاب، فقد عصوا الله فيما أمرهم به ونبذوا كتابه، فامضوا على حقكم وقصدكم، وخذوا في قتال عدوكم، فان معاوية وابن العاص وابن أبي معيط وحبيب بن مسلمة وابن النابغة وعددا غير هؤلاء ليسوا باصحاب دين ولا قرآن وأنا أعرف بهم منكم صحبتهم أطفالا ورجالا فهم شر اطفال ورجال»(1).
(1) مروج الذهب ج2 ص400 وفي الكامل في التاريخ ج3 ص316: «.. أنا أعرف بهم منكم. قد صحبتهم أطفالا ثم رجالا فكانوا شرّ أطفال ورجال، ويحكم والله ما رفعوها إلا خديعة ووهناً ومكيدة. فقالوا له: لا يسعنا أن نُدعى إلى كتاب الله فنأبى أن نقبله».