علي و عيادة النبي اياه
روى الحاكم باسناده «عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: دخلت مع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم على علي بن أبي طالب رضي الله عنه يعوده وهو مريض وعنده أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فتحولا حتى جلس رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقال أحدهما لصاحبه: ما أراه الا هالك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إنه لن يموت إلا مقتولا، ولن يموت حتى يملأ غيضاً»(1).
روى الخوارزمي باسناده عن علي عليه السّلام، قال: «مرضت مرضة فعادني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فدخل علي وأنا مضطجع فقعد إلى جنبي، ثم سجاني بثوبه، فلما رآني قد ضعفت قام إلى المسجد يصلي فلما قضى صلاته جاء فرفع الثوب عني، ثم قال: قم يا علي فقد برئت، فقمت فكأني ما اشتكيت قبل ذلك، فقال: ما سألت الله ربي شيئاً إلا وأعطاني، وما سألت شيئاً إلا سألت لك مثله»(2).
روى أحمد عن عبدالله بن سلمة عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: «كنت شاكياً فمرّ بي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأنا اقول: اللّهم إن كان أجلي قد حضر فأوحني، وإن كان متأخراً فادفعني، وإن كان بلاءً فصبّرني، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كيف؟ فاعاد عليه ما قال: فضربه برجله، وقال: اللهم عافه واللهم اشفه منك. سبعة، فما شكيت وجعي ذاك بعد»(3).
وروى المتقي باسناده عن عبدالله بن الحرث، قال: «قلت لعلي بن أبي طالب: أخبرني بأفضل منزلتك من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: نعم، بينا أنا نائم عنده وهو يصلّي، فلما فرغ من صلاته، قال: يا علي، ما سألت الله من الخير إلا سألت لك مثله، وما استعذت من الشر إلا استعذت لك مثله»(4).
روى ابن عساكر باسناده عن علي رضي الله عنه، قال: «وجعت وجعاً، فأتيت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فأنامني في مكانه وقام يصلي وألقى علي طرف ثوبه، ثم قال: قد برئت يا ابن أبي طالب، لا بأس عليك. ما سألت الله تبارك وتعالى شيئاً إلا سألت لك مثله، ولا سألت الله شيئاً إلا أعطانيه غير أنه قيل لي: إنه لا نبي بعدك»(5).
أقول:
والمهم في هذه القضية هو الدعاء الذي دعا به رسول الله وأخبر عن استجابة ذاك الدعاء، وهو أنه ما سأل الله شيئاً لنفسه إلاّ وسأل لعلي عليه السّلام مثله، فإنّ هذا شيء لم يرد عنه في حقّ غير علي عليه السّلام من سائر أصحابه، فيدلّ على أفضليّته منهم، ولذا ذكره علي عليه السّلام لمّآ سئل عن أفضل منزلته من رسول الله…
(1) المستدرك على الصحيحين ج3 ص139، ورواه أبو نعيم في اخبار اصبهان ج2 ص147.
(2) المناقب الفصل الرابع عشر ص86، ورواه النسائي في الخصائص ص38، وابن عساكر في ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج2 ص277، والمتقي في منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج5 ص43. مع زيادة.
(3) الفضائل (المناقب) ج2 الحديث 32، ورواه محمّد بن طلحة في مطالب السؤل ص 45.
(4) منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج5 ص43.
(5) ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج2 ص275 الحديث 799، ورواه الخوارزمي في المناقب الفصل التاسع ص61. والزرندي في نظم درر السمطين ص119.