علي و شبهه بالأنبياء
روى الحمويني بأسناده عن ابن عمر: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «يفتخر يوم القيامة آدم بابنه شيث، وافتخر أنا بعلّي بن أبي طالب»(1).
وروى ابن حجر بأسناده عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال: «قال النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في حكمته، وإلى إبراهيم في حلمه، فلينظر إلى علي رضي الله عنه»(2).
وروى الحاكم الحسكاني بأسناده عن أبي الحمراء قال: «كنّا عند النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فاقبل علي، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من سرّه ان ينظر إلى آدم في علمه، ونوح في فهمه، وإبراهيم في خلّته، فلينظر إلى علي ابن أبي طالب عليه السّلام»(3).
وروى الكنجي بأسناده عن ابن عبّاس، قال: «بينما رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم جالس في جماعة من أصحابه اقبل علي عليه السّلام فلما بصر به رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: من أراد منكم أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في حكمته، وإلى إبراهيم في حلمه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.
قلت: تشبيهه لعلي عليه السّلام بآدم في علمه، لأن الله علّم آدم صفة كلّ شيء، كما قال عزّوجلّ: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا)(4) فما من شيء ولا حادثة ولا واقعة الاّ وعند علي عليه السّلام فيها علم وله في استنباط معناها فهم، وشبهه بنوح في حكمته ـ أو كما في رواية: في حكمه، وكأنّه الأصح ـ لأنّ علياً عليه السّلام كان شديداً على الكافرين رؤفاً بالمؤمنين، كما وصفه الله تعالى في القرآن بقوله: (وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ)(5) وأخبر الله عزّوجلّ عن شدّة نوح عليه السّلام على الكافرين بقوله: (رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الاَْرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً)(6). وشبهه في الحلم بإبراهيم عليه السّلام خليل الرّحمن كما وصفه الله عزّوجلّ بقوله (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ) فكان متخلّقاً باخلاق الأنبياء متّصفاً بصفات الأصفياء»(7).
وروى أحمد بإسناده عن ابن أبي ليلى عن أبيه، قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: الصدّيقون ثلاثة، حبيب بن مرى النجّار، وهو مؤمن آل ياسين، وحزقيل مؤمن آل فرعون، وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم»(8).
وروى الخوارزمي بإسناده عن أبي الحمراء مولى النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: قال رسول الله: «من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، والى موسى في شدّته، والى عيسى في زهده، فلينظر إلى هذا المقبل. فاقبل عليّ»(9).
وعن الحارث الاعور صاحب راية علي بن أبي طالب عليه السّلام، قال: «بلغنا انّ النّبي صلّى الله عليه وآله كان في جمع من اصحابه، فقال: أريكم آدم في علمه ونوحاً في فهمه وإبراهيم في حكمته، فلم يكن بأسرع من أن طلع علي عليه السّلام، فقال أبو بكر: يا رسول الله، أقست رجلا بثلاثة من الرّسل؟ بخّ بخّ لهذا الرجل، من هو يا رسول الله؟ قال النبّي صلّى الله عليه وآله وسلّم: أو لا تعرفه يا أبا بكر؟ قال: الله ورسوله اعلم، قال: هو أبو الحسن علي بن أبي طالب عليه السّلام فقال أبو بكر: بخِّ بخِّ لك يا أبا الحسن وأين مثلك يا أبا الحسن»(10).
وعن أبي الحمراء قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في فهمه، وإلى يحيى بن زكريّا في زهده، وإلى موسى ابن عمران في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب»(11).
قال البياضي: «أسند ابن جبير إلى ابن عبّاس، قول النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه والى نوح في فهمه وإلى موسى في مناجاته وإلى عيسى في سمته وإلى محمّد في تمامه، فلينظر إلى هذا الرّجل، فتطاولت الاعناق وإذا هم بعلي عليه السّلام»(12).
وقال محمّد بن طلحة: «قال البيهقي في كتابه المصنف يرفعه بسنده إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم انه قال: «من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علّي بن أبي طالب عليه السّلام.
فقد أثبت النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لعلّي عليه السّلام بهذا الحديث علماً يشبه علم آدم، وتقوى يشبه تقوى نوح وحلماً يشبه حلم إبراهيم، وهيبة تشبه هيبة موسى وعبادة تشبه عبادة عيسى، عليهم أجمعين الصّلاة والسّلام، وفي هذا تصريح لعلّي بعلمه وتقواه وحلمه وهيبته وعبادته، وبعلّو هذه الصفات إلى أوج العلى حيث شبههّ بهؤلاء الأنبياء المرسلين عليهم صلوات الله أجمعين في الصّفات المذكورة والمناقب المعدودة»(13).
وروى الكنجي بأسناده عن أبي سعيد قال: «سأل أبو عقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: يا رسول الله من سيّد المسلمين؟ فقال النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: من تراك تظنّ يا أبا عقال؟ فقال: آدم فقال ها هنا من هو أفضل من آدم، فقال: يا رسول الله، أليس الله خلقه بيده ونفخ فيه من روحه، وزوّجه حواء أمته وأسكنه جنّته فمن يكون أفضل منه؟ فقال النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من فضّله الله عزّوجلّ فقال: شيث؟ فقال أفضل من شيث فقال: ادريس، فقال: أفضل من ادريس ونوح فقال: فهود، فقال: أفضل من هود وصالح ولوط، قال: موسى، قال: أفضل من موسى وهارون قال: فإبراهيم إذن، قال: افضل من إبراهيم وإسماعيل واسحاق، قال: فيعقوب، قال أفضل من يعقوب ويوسف، قال: فداود، قال: أفضل من داود وسليمان، قال: فأيّوب إذن، قال: أفضل من أيّوب ويونس، قال فزكرّيا إذن، قال: أفضل من زكريّا ويحيى، قال: فاليسع إذن، قال: أفضل من اليسع وذي الكفل، قال: فعيسى إذن، قال: أفضل من عيسى.
قال أبو عقال: ما علمت من هو يا رسول الله؟ ملك مقرّب؟ فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: مكلّمك يا أبا عقال، يعني نفسه صلّى الله عليه وآله وسلّم. فقال أبو عقال: سررتني والله يا رسول الله.
فقال النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ازيدك على ذلك؟ قال: نعم فقال: إعلم يا أبا عقال، انّ الانبياء والمرسلين ثلاثمائة وثلاثة عشر نبيّاً لو جعلوا في كفّة وصاحبك في كفّة لرجح عليهم. فقلت: ملأتني سروراً يا رسول الله، فمن أفضل النّاس بعدك؟ فذكر له نفراً من قريش، ثم قال: علي بن أبي طالب، فقلت: يا رسول الله، فأيهم أحبّ إليك؟ قال: علّي بن أبي طالب، فقلت: ولم ذلك؟ فقال: لأنّي خلقت أنا وعلّي بن أبي طالب من نور واحد، قال: فقلت فلم جعلته آخر القوم؟ قال: ويحك يا أبا عقال، اليس قد أخبرتك اني خير النبّيين، وقد سبقوني بالرسالة وبشّروا بي من قبلي فهل ضرّني شيء إذ كنت آخر القوم، أنا محمّد رسول الله، وكذلك لا يضرّ علّياً إذا كان آخر القوم. ولكن يا أبا عقال، فضل علي على سائر النّاس كفضل جبريل على سائر الملائكة. قلت: هذا حديث حسن عال»(14).
وروى بأسناده عن موسى بن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم «خلقت أنا وهارون بن عمران ويحيى بن زكريا وعلّي بن أبي طالب من طينة واحدة. قلت: هذا حديث حسن»(15).
وروى الوصّابي بأسناده «عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: انا مدينة العلم وعليّ بابها، من سرّه ان ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في فهمه وإلى إبراهيم في خلّته، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب»(16).
وروى البدخشي باسناده «عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في تقواه وإلى إبراهيم في حلمه وإلى موسى في هيبته وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب عليه السّلام»(17).
(1) فرائد السّمطين ج1 ص232.
(2) لسان الميزان ج6 ص24.
(3) شواهد التّنزيل ج1 ص79 / رقم 116.
(4) سورة البقرة: 31.
(5) سورة الفتح: 29.
(6) سورة نوح: 26.
(7) كفاية الطّالب ص122.
(8) الفضائل ج1 حديث 192.
(9) المناقب الفصل التّاسع عشر ص219.
(10) المناقب الفصل السابع ص45.
(11) المناقب الفصل السابع ص40، ورواه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ج1 ص80، والسيد شهاب الدين أحمد في توضيح الدلائل وتصحيح الفضائل ص459.
(12) الصّراط المستقيم ج1 ص103.
(13) مطالب السّؤل ص56، مخطوط.
(14) كفاية الطّالب ص315ـ317.
(15) المصدر ص319.
(16) أسنى المطالب الباب التّاسع ص48 رقم19.
(17) مفتاح النّجاء ص76.