علي و حديث الغدير
روى الخوارزمي باسناده عن أبي سعيد الخدري، انه قال: «ان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم دعا الناس إلى غدير خم، أمر بما كان تحت الشجرة من الشوك فقم، وذلك يوم الخميس ثم دعا الناس إلى علي عليه السّلام فأخذ بضبعه فرفعها حتى نظر الناس إلى بياض ابطيه ثم لم يتفرقا حتى نزلت هذه الآية (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً)(1) فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: الله أكبر على اكمال الدين واتمام النعمة ورضى الرب برسالتي والولاية لعلي، ثم قال: اللهم وال من والاه؛ وعاد من عاده، وانصر من نصره، واخذل من خذله. فقال حسان بن ثابت: يا رسول الله، أتأذن لي أن أقول أبياتاً؟ فقال: قل ببركة الله تعالى، فقال حسان بن ثابت: يا معشر مشيخة قريش، اسمعوا شهادة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ثم قال:
يناديهم يوم الغدير نبيّهم *** بخم واسمع بالرسول منادياً
بأني مولاكم نعم ووليّكم *** فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا
إلهك مولانا وأنت ولينا *** ولا تجدن في الخلق للأمر عاصياً
فقال له: قم يا علي فانني *** رضيتك من بعدي اماماً وهادياً
فمن كنت مولاه فهذا وليه *** فكونوا له انصار صدق موالياً
هناك دعا اللهم وال وليه *** وكن للذي عادى علياً معادياً
وروى ابن المغازلي باسناده عن امرأة زيد بن أرقم قالت: «اقبل نبّي الله من مكة في حجة الوداع حتى نزل صلّى الله عليه وآله وسلّم بغدير الجحفة بين مكة والمدينة، فأمر بالدوحات فقمّ ما تحتهن من شوك ثم نادى: الصلاة جامعة، فخرجنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في يوم شديد الحر، وان منا لمن يضع رداءه على رأسه، وبعضه على قدميه من شدة الرمضاء حتى انتهينا إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فصلى بنا الظهر ثم انصرف الينا فقال: الحمد لله نحمده ونستعينه، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا، الذي لا هادي لمن اضل ولا مضل لمن هدى، وأشهد أن لا إله الاَّ الله، وان محمّداً عبده ورسوله، أما بعد: أيها الناس فإنه لم يكن لنبي من العمر إلا نصف من عمّر من قبله، وان عيسى بن مريم لبث في قومه أربعين سنة، واني قد اسرعت في العشرين، ألا واني يوشك أن اُفارقكم، ألا واني مسؤل وانتم مسؤلون، فهل بلّغتكم؟ فماذا انتم قائلون؟ فقام من كل ناحية من القوم مجيب يقولون: نشهد انك عبد الله ورسوله قد بلغت رسالته وجاهدت في سبيله، وصدعت بأمره وعبدته حتى أتاك اليقين، جزاك الله عنا خير ما جزى نبياً عن امته، فقال: ألستم تشهدون أن لا إله الاّ الله، لا شريك له، وإن محمّداً عبده ورسوله؟ وأن الجنة حق وأن النّار حق وتؤمنون بالكتاب كلّه؟ قالوا: بلى، قال: فإني أشهد أن قد صدقتكم وصدقتموني، ألا واني فرطكم وانكم تبعي توشكون أن تردوا علي الحوض، فأسألكم حين تلقونني عن ثقليَّ كيف خلفتموني فيهما، قال: فأعيل علينا، ما ندري ما الثقلان، حتى قام رجل من المهاجرين وقال: بأبي أنت وامي أنت يا نبّي الله، ما الثقلان؟ قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: الأكبر منهما كتاب الله تعالى، سبب طرف بيد الله وطرف بأيديكم، فتمسكوا به ولا تضلوا، والأصغر منهما عترتي من استقبل قبلتي واجاب دعوتي، فلا تقتلوهم ولا تقهروهم ولا تقصروا عنهم، فاني قد سألت لهم اللطيف الخبير فاعطاني، ناصرهما لي ناصر، وخاذلهما لي خاذل، ووليهما لي ولي، وعدوهما لي عدو.
ألا وانّها لم تهلك امة قبلكم حتى تتدين بأهوائها وتظاهر على نبوتها وتقتل من قام بالقسط، ثم اخذ بيد علي فرفعها ثم قال: من كنت مولاه فهذا مولاه، ومن كنت وليه، فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، قالها ثلاثاً»(2).
وروى محب الدين الطبري باسناده عن البراء بن عازب قال: «كنا عند النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في سفر فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا الصلاة جامعة، وكسح لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تحت شجرة فصلى الظهر وأخذ بيد علي وقال: ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من انفسهم؟ قالوا: بلى. فأخذ بيد علي وقال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، قال: فلقيه عمر بعد ذلك فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة»(3).
وعن زيد بن أرقم قال: «استنشد علي بن أبي طالب الناس، فقال: ـ انشد الله رجلا سمع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاده، فقام ستة عشر رجلاً فشهدوا».
وعن زياد بن أبي زياد قال: «سمعت علي بن أبي طالب ينشد الناس، فقال: أنشد الله رجلا مسلماً سمع من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول يوم غدير خم ما قال: فقام اثنا عشر بدرياً فشهدوا»(4).
وروى السيوطي باسناده عن أبي الطفيل قال: «جمع علي النّاس سنة خمس وثلاثين في الرحبة ثم قال لهم: انشد بالله كل امرىء مسلم سمع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول يوم غدير خم، ما قال، لمّا قام، فقام ثلاثون من الناس، فشهدوا ان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم والِ من والاه وعاد من عاداه»(5).
وقال: اخرج الترمذي عن أبي سريحة أو زيد بن ارقم عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «من كنت مولاه فعلي مولاه، وأخرجه أحمد عن علي وأبي ايوب الأنصاري وزيد بن أرقم وعمرو ذي مر، وأبو يعلى عن أبي هريرة والطبراني عن ابن عمر ومالك بن الحويرث وحبشي بن جنادة، وجرير وسعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري وانس، والبزار عن ابن عبّاس وعمارة وبريدة. وفي أكثرها زيادة: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه»(6).
وروى محمّد بن يوسف الزرندي عن علي رضي الله عنه قال: «عممني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم غدير خم بعمامة فسدل نمرقها على منكبي وقال: ان الله امدني يوم بدر وحنين بملائكة معتمين هذه العمامة. وعن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جده ان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عمّم علي بن أبي طالب عمامته السحابة وأرخاها من بين يديه ومن خلفه ثم قال: أقبل فأقبل ثم قال: أدبر فأدبر، فقال: هكذا جائتني الملائكة، ثم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله. قال حسان بن ثابت: يا رسول الله، ائذن لي أن اقول ابياتاً تسمعها، فقال: قل على بركة الله، فقام حسان فقال: يا معشر قريش اسمعوا قولي بشهادة من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ثم انشأ يقول:
يناديهم يوم الغدير نبيهم *** بخم واسمع بالرسول منادياً
فقال: فمن مولاكم ووليّكم *** فقالوا: ولم يبدوا هناك التعاميا
الهك مولانا وأنت ولينا *** ولن تجدن منا لك اليوم عاصيا
هناك دعا اللهم والِ وليه *** وكن للذي عادى علياً معادياً
فقال له: قم يا علي، فانني *** رضيتك من بعدي ولياً وهادياً(7)
وروى السيوطي باسناده عن أبي هريرة قال: «لما كان يوم غدير خم وهو يوم ثماني عشرة من ذي الحجة قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: من كنت مولاه فعلي مولاه، فأنزل الله: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)(8).
وقال محمّد بن يوسف الزرندي: «ويروى: ان معاوية كتب إلى علي رضي الله عنه يفتخر عليه: امّا بعد، فان أبي كان سيداً في الجاهلية وصرت ملكا في الإسلام وأنا خال المؤمنين وكاتب الوحي وصهر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. فقال علي رضي الله عنه: أيفتخر علي ابن آكلة الأكباد؟ اكتب إليه يا قنبر: ان لي سيوفاً بدرية وسهاماً هاشمية، قد عرفت مواقع نصالها في اقاربك وعشائرك يوم بدر، ما هي من الظالمين ببعيد، ثم انشد:
محمّد النبي أخي وصهري *** وحمزة سيد الشهداء عمي
وجعفر الذي يضحى ويمسي *** يطير مع الملائكة ابن أمي
وبنت محمّد سكني وعرسي *** منوط لحمها بدمي ولحمي
وسبطا أحمد ولداي منها *** فهل منه لكم سهم كسهمي
سبقتكم إلى الإسلام طراً *** غلاماً ما بلغت اوان حلمي
وأوجب لي ولايته عليكم *** رسول الله يوم غدير خم»(9)
وروى الهيثمي عن زيد بن أرقم، قال: «أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بالشجرات فقم ما تحتها ورش ثم خطبنا فو الله ما من شيء يكون إلى يوم الساعة الاّ قد أخبرنا به يومئذ ثم قال: يا أيّها الناس، من أولى بكم من أنفسكم؟ قلنا: الله ورسوله أولى بنا من أنفسنا، قال: فمن كنت مولاه فهذا مولاه. يعني عليّاً، ثم أخذ بيده فبسطها، ثم قال: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.
قلت: روى الترمذي منه (من كنت مولاه فعلي مولاه) فقط»(10).
وعن داود بن يزيد الاودي عن أبيه، قال «دخل أبو هريرة المسجد، فاجتمع إليه الناس فقام إليه شاب، فقال: انشدك بالله سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، قال: فقال: إني أشهد أنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه»(11).
وعن جرير قال: «شهدنا الموسم في حجة الوداع مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فبلغنا مكاناً يقال له غدير خم، فنادى: الصلاة جامعة، فاجتمعنا المهاجرون والأنصار، فقام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وسطنا، فقال: ايّها الناس، بم تشهدون؟ قالوا: نشهد ان لا اله الاّ الله، قال: ثم مه؟ قالوا: وان محمّداً عبده ورسوله، قال: فمن وليكم؟ قالوا: الله ورسوله مولانا. قال: من وليكم؟ ثم ضرب بيده إلى عضد علي رضي الله عنه فاقامه فنزع عضده فأخذ بذراعيه، فقال: من يكن الله ورسوله مولاه فان هذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، اللهم من أحبه من الناس فكن له حبيباً، ومن أبغضه فكن له مبغضاً، اللهم إني لا اجد أحداً استودعه في الأرض بعد العبدين الصالحين غيرك فاقض له بالحسنى، قال بشر: قلت: من هذين العبدين الصالحين؟ قال: لا أدري»(12).
وعن حذيفة بن أسيد الغفاري، قال: «لما صدر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من حجة الوداع نهى اصحابه عن سمرات متفرقات بالبطحاء أن ينزلوا تحتهن، ثم بعث اليهن فقمَّ ما تحتهن من الشوك وعمد اليهن فصلى عندهن، ثم قام فقال: يا أيّها الناس، انّه قد نبأني اللطيف الخبير، انّه لم يعمر نبّي الا نصف عمر الذي يليه من قبل، وانّي لأظن يوشك ان ادعى فاجيب، واني مسئول وانتم مسئولون، فماذا انتم قائلون؟ قالوا: نشهد انك قد بلغت وجهدت ونصحت فجزاك الله خيراً، قال: أليس تشهدون أن لا اله الاَّ الله وان محمّداً عبده ورسوله، وان جنته حقّ وناره حق وان الموت حق وان البعث حق بعد الموت وان الساعة آتية لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور؟ قالوا: بلى، نشهد بذلك، قال: اللهم اشهد، ثم قال: يا أيّها الناس، ان الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من انفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه ـ يعني علياً رضي الله عنه ـ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، ثم قال: يا أيّها الناس اني فرط وأنتم واردون عليّ الحوض حوض ما بين بصرى الى صنعاء فيه عدد النجوم قدحان من فضة، واني سائلكم عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، الثقل الأكبر كتاب الله عزّوجلّ سبب طرفه بيد الله عزّوجلّ وطرفه بأيديكم فاستمسكوا به لا تضلوا ولا تبدلوا، وعترتي أهل بيتي، فإنه قد نبأني اللطيف الخبير، انهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض»(13).
وروى الحضرمي باسناده عن عامر بن أبي ليلى بن أبي ضمرة وحذيفة بن اسيد قال: «لما صدر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من حجة الوداع ولم يحج غيرها، اقبل حتى إذا كان بالجحفة في سمرات بالبطحاء متقاربات فقال: لا تنزلوا تحتهن حتى إذا نزل القوم وأخذوا منازلهم سواهن أرسل اليهن فقم ما تحتهن وشذبن عن رؤس القوم، حتى إذا نودي للصلاة غدا اليهن فصلى تحتهن ثم انصرف إلى النّاس وذلك يوم غدير خم. وخم من الجحفة وله بها مسجد معروف، وفي بعض الروايات انّه كان يوم شديد الحر وكان ثامن عشر من شهر ذي الحجة، الحديث»(14).
وروى ابن الجزري باسناده عن فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ورضي عنها قالت: «أنسيتم قول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه؟ وقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: انت مني بمنزلة هارون من موسى عليهما السّلام؟»(15).
وروى النسائي باسناده عن عائشة بنت سعد، قالت: «سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله يوم الجحفة فأخذ بيد علي فخطب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ايّها النّاس اني وليكم. قالوا: صدقت يا رسول الله، ثم اخذ بيد علي فرفعها، فقال: هذا وليي ويؤدي عني ديني وأنا موالي من والاه ومعادي من عاداه»(16).
وروى الخوارزمي الخبر باسناده عن زيد بن أرقم… ثم قال: «يقال: قمّ البيت بالمقمة يقمه، اي كنسه، وجمع قمامة وقمامة ومن مجازه: قمت الشاة ما اصابت على وجه الأرض، وأقمّ ما على المائدة وتقممه: لم يترك شيئاً.
ومن كلام أميرالمؤمنين: ما خلقت ليشغلني اكل الطيبات كالبهيمة المربوطة همّها تقممها، والمرسلة شغلها علفها تكرش من اعلافها وتلهو عما يراد بها.
والثقل متاع البيت وما حملوه على دوابهم ويقال: لفلان ثقل كثير، أي متاع وخدم وحشم. والثقلان: الجن والانس.
ويقال: خلفه يخلفه إذا جاء بعده وخلفه على أهله واحسن الخلافة، ومات عنها زوجها وخلف عليها فلان إذا تزوجها بعده، وخلفه بخير أو شر ذكره به من غير حضرته، واخلف الله عليك عوضك عما ذهب منك، وخلف الله عليك كان خليفة من كافيك».
وروى باسناده الخبر عن البراء أيضاً(17).
قال الشنقيطي: «وفي كتاب الترمذي عن أبي سريحة الصحابي أو زيد بن أرقم ـ شك شعبة ـ عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم انه قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
والشك في عين الصحابي لا يقدح في صحة الحديث عند ائمة الحديث، لأنهم كلهم عدول.
وعن البراء بن عازب قال: كنا عند النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في سفر فنزلنا بغدير خم…
وأخرج أحمد مثله في مسنده عن زيد بن أرقم.
وأخرج أحمد في كتاب المناقب معناه عن عمر وزاد بعد قوله، وعاد من عاداه وانصر من نصره واجب من احبه، قال شعبة أو قال: أبغض من أبغضه.
وأخرج أبو حاتم قال: قال علي عليه السّلام: انشد الله كل امريء سمع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول يوم غدير خم لما قام، فقام ناس فشهدوا انهم سمعوه يقول: ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من انفسهم، قالوا: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فإن هذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فخرجت وفي نفسي من ذلك شيء، فلقيت زيد بن أرقم فذكرت ذلك له فقال: قد سمعناه من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول ذلك له.
قال أبو نعيم: قلت لفطر: يعني الذي يروي عنه الحديث: كم بين القول وبين موته: قال: مائة يوم، وقال: يريد موت علي بن أبي طالب.
وأخرجه أحمد عن سعيد بن وهب ولفظه قال: نشد علي، فقام خمسة أو ستة من اصحاب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فشهدوا أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: من كنت مولاه فعلي مولاه».
قال: «روى بريدة وأبو هريرة وجابر والبراء بن عازب وزيد بن أرقم، كل واحد منهم عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم انه قال يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وبعضهم لا يزيد على: من كنت مولاه فعليّ مولاه»(18).
وقال الزرندي بعد رواية الحديث عن البراء بن عازب: «قال الإمام أبو الحسن الواحدي: «هذه الولاية التي أثبتها النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لعلي مسئول عنها يوم القيامة»(19).
وروى الكنجي باسناده عن سعيد بن المسيب، قال: «قلت لسعد بن أبي وقاص: إني أريد أن أسألك عن شيء واني أتقيك قال: سل عمّا بدا لك فإنما أنا عمّك قال: قلت مقام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فيكم يوم غدير خم قال: نعم، قام فينا بالظهيرة، فأخذ بيد عليّ بن أبي طالب فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره»(20).
ورواه البلاذري باسناده عن أبي هريرة وعن البراء بن عازب وعن زيد بن أرقم(21).
وقال ابن حجر: «قال صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، الحديث… رواه عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ثلاثون صحابياً، وان كثيراً من طرقه صحيح أو حسن»(22).
وقال سبط ابن الجوزي: «اتفق علماء السير على أنّ قصة الغدير كانت بعد رجوع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من حجة الوداع في الثامن عشر من ذي الحجة، جمع الصحابة ـ وكانوا مائة وعشرين الفاً ـ وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه… الحديث، نص صلّى الله عليه وآله على ذلك بصريح العبارة دون التلويح والاشارة… وفي نسخة: وكان معه من الصحابة ومن الأعراب ومن يسكن حول مكة والمدينة مائة وعشرون الفاً وهم الذين شهدوا معه حجة الوداع وسمعوا منه هذه المقالة»(23).
وقال أبو جعفر الاسكافي: «قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم في غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، يكون إبانة له منهم وتقريباً له من نفسه ليعلموا انّه لا منزلة اقرب إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من منزلته.. ودل على إبانة عليّ من الكل بمولويته على كل مؤمن ومؤمنة، ثم أقامه في التقديم عليهم مقامه وأعلمهم أن تلك لعلي فضيلة عليهم كما كانت له صلّى الله عليه وآله وسلّم فضيلة تأكيداً وبياناً لما أراد من قيام الحجة»(24).
وروى ابن الأثير باسناده عن أبي جنيدة جندع بن عمرو بن مازن، قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: «من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار، وسمعته وإلاّ صمتا يقول: وقد انصرف من حجّة الوداع فلما نزل غدير خم قام في الناس خطيباً وأخذ بيد علي وقال: من كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، قال عبيد الله فقلت للزهري: لا تحدث بهذا بالشام وأنت تسمع ملء اذنيك سب علي، فقال: والله ان عندي من فضائل علي ما لو تحدثت بها لقتلت»(25).
أقول: قال السيد ابن طاووس: «ومن ذلك ما ذكره النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لعلي بن أبي طالب عليه السّلام بمنى ويوم غدير خم من التصريح بالنص عليه والارشاد إليه في مقام يشهد له بيان المقال ولسان الحال بأنه الخليفة والقائم مقامه في امته، وقد صنف العلماء بالأخبار كتباً كثيرة في حديث يوم الغدير ووقائعه في الحروب، وذكر فضائل اختص بها من دون غيره وتصديق ما قلناه، وممّن صنف تفصيل ما حققناه أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني الحافظ المعروف بابن عقدة وهو ثقة عند ارباب المذاهب وجعل ذلك كتباً محرراً سماه (حديث الولاية) وذكر الأخبار عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بذلك وأسماء الرواة من الصحابة… وقد أثنى على ابن عقدة الخطيب صاحب (تاريخ بغداد) وزكاه»(26).
وقال ابن المغازلي: «قال أبو القاسم الفضل بن محمّد: هذا حديث صحيح عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وقد روى حديث غدير خم عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم نحو من مائة نفس منهم العشرة، وهو حديث ثابت لا اعرف له علة، تفرد علي عليه السّلام بهذه الفضيلة، ليس يشركه فيها أحد»(27).
وقال القندوزي الحنفي: «اخرج محمّد بن جرير الطبري صاحب التاريخ خبر غدير خم من خمسة وسبعين طريقاً، وافرد له كتاباً سماه الولاية…
حكى العلامة علي بن موسى عن عبد الملك بن محمّد أبي المعالي، الجويني، الملقب بامام الحرمين استاذ أبي حامد الغزالي رحمهما الله وهو يتعجب ويقول: رأيت مجلداً في بغداد في يد صحاف فيه روايات خبر غدير خم مكتوباً عليه المجلدة الثامنة والعشرون من طرق قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم من كنت مولاه فعلي مولاه، ويتلوه المجلدة التّاسعة والعشرون»(28).
(1) سورة المائدة: 3.
(2) المناقب ص16 الحديث 23.
(3) ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ص67.
(4) ذخائر العقبى ص67.
(5) تاريخ الخلفاء ص169.
(6) المصدر.
(7) نظم درر السّمطين ص112.
(8) الدر المنثور ج2 ص259.
(9) نظم درر السّمطين ص97.
(10) مجمع الزّوائد ج9 ص105.
(11) المصدر.
(12) مجمع الزوائد ج9 ص106.
(13) مجمع الزوائد ج9 ص164.
(14) وسيلة المال في عدّ مناقب الآل ص226 مخطوط.
(15) أسنى المطالب في مناقب علّي بن أبي طالب ص5.
(16) الخصائص ص4.
(17) المناقب ص93ـ94.
(18) كفاية الطّالب للشّنقيطي ص28ـ30.
(19) نظم درر السّمطين ص109.
(20) كفاية الطّالب ص62.
(21) أنساب الاشراف ج2 ص108ـ111 الحديث 45ـ48.
(22) الصواعق المحرقة ص73.
(23) تذكرة الخواصّ ص30.
(24) المعيار والموازنة ص210.
(25) أسد الغابة ج1 ص308.
(26) الطّرائف في معرفة مذاهب الطّوائف ج1 ص139.
(27) المناقب ص27.
(28) ينابيع المودّة ص36.