علي وارث رسول الله
روى الخوارزمي باسناده عن الناصر للحق في حديث طويل، قال: «لما قدم علي عليه السّلام على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بفتح خيبر، قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: لو لا أن تقول فيك طائفة من أمّتي ما قالت النصارى في المسيح، لقلت اليوم فيك مقالا لا تمرّ بملأ إلاّ أخذوا التراب من تحت قدميك ومن فضل طهورك يستشفون به، ولكن حسبك أن تكون منّي وأنا منك، ترثني وأرثك وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى الاّ انّه لا نبي بعدي، وانك تبرىء ذمتي وتقاتل على سنتي، وانك غداً في الآخرة اقرب الناس مني، وانك اوّل من يرد عليّ الحوض، وأول من يكسى معي، وانك أول من يدخل الجنة من امتي، وان شيعتك على منابر من نور، وان الحق على لسانك وفي قلبك وبين عينيك»(1).
وروى النسائي باسناده عن ربيعة بن ناجذ: «أنّ رجلا قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: يا أميرالمؤمنين، لم ورثت دون أعمامك؟ قال: جمع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أو قال: دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بني عبد المطلب فصنع لهم مداً من الطعام. فأكلوا حتى شبعوا، وبقي الطعام كما هو كأنّه لم يمسّ، ثم دعا بغمر فشربوا حتى رووا وبقي الشراب كأنّه لم يمس، أو لم يشرب، فقال: يا بني عبد المطلب، انّي بعثت اليكم خاصّة والى الناس عامة، وقد رأيتم من هذه الآية ما قد رأيتم، وأيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي؟ فلم يقم اليه أحدٌ، فقمت إليه وكنت اصغر القوم، فقال: اجلس، ثمّ قالها ثلاث مرات كلّ ذلك أقوم اليه فيقول: اجلس حتى كان في الثالثة ضرب بيده على يدي ثم قال: فبذلك ورثت ابن عمي دون عمّي»(2).
قال الشنقيطي: «أخرج الحافظ أبو القاسم الدمشقي في الأربعين الطوال حديث مؤاخاة الصحابة مطولا وفي آخره: فقال علي: لقد ذهبت روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري، فان كان هذا من سخط عليّ فلك العتبى والكرامة. فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: والذي بعثني بالحق ما اخترتك الا لنفسي، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير انّه لا نبي بعدي، وأنت أخي ووارثي قال: وما أرث منك يا نبي الله؟ قال: ما ورثت الانبياء من قبلي قال: وما ورثته الأنبياء من قبلك؟ قال: كتاب ربهم وسنّة نبيهم، وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة ابنتي، ثم تلا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: (إِخْوَاناً عَلَى سُرُر مُّتَقَابِلِينَ) وهم المتحابون في الله ينظر بعضهم إلى بعض»(3).
وروى ابن عساكر باسناده عن أبي اسحاق، قال: «قيل لقثم: بأي شيء ورث علي النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم؟ قال: كان أوّلنا به لحوقاً وأشدنا به لزوقاً، فقلت: فاي شيء معنى ورث علي؟ قال: لا أدري الاّ أن عيسى بن يونس حدّثنا وذكر حديث مجالد بن سعيد. المراد بالميراث ها هنا العلم بدليل أن العبّاس أقرب منه قرابة، غير أنّ علياً كان ألزم للنبي وأقدم له صحابة»(4).
(1) المناقب الفصل الرابع عشر ص96.
(2) الخصائص ص18.
(3) كفاية الطالب ص35.
(4) ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج3 ص12 و14، وانظر الخصائص للنسائي ص28.