عليٌ و دعاء رسول الله له
قد تقدّم طرف من دعاء النبي صلّى الله عليه وآله لأميرالمؤمنين، كدعائه يوم غدير خم وغيره.
وروى محب الدين الطبري بأسناده عن عبدالله بن الحرث، قال: «قلت لعلي بن أبي طالب: أخبرني بأفضل منزلتك من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: نعم، بينا أنا نائم عنده وهو يصلي فلما فرغ من صلاته قال: يا علي، ما سألت الله عزّوجلّ من الخير شيئاً الاّ سألت لك، ولا استعذت الله من الشر الاّ استعذت لك مثله»(1).
وهذا الحديث أخرجه النسائي والبلاذري وابن عساكر والحمويني وغيرهم(2).
وأخرج النسائي بأسناده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: «انّ علياً رضي الله عنه خرج علينا في حرِّ شديد وعليه ثياب الشتاء، وخرج علينا في الشتاء وعليه ثياب الصيف، ثم دعا بماء فشرب ثم مسح العرق عن جبينه، فلما رجع إلى بيته قال: يا أبتاه، رأيت ما صنع أميرالمؤمنين؟ خرج علينا في الشتاء وعليه ثياب الصّيف وخرج علينا في الصّيف وعليه ثياب الشّتاء؟ فقال أبو ليلى: ما فطنت، وأخذ بيد ابنه عبد الرّحمن فأتى عليّاً رضي الله عنه فقال له الذي صنع، فقال له علي رضي الله عنه: «ان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان بعث اليّ وأنا أرمد شديد الرمد فبزق في عيني، ثم قال: افتح عينيك، ففتحتهما فما اشتكيتهما حتى الساعة، ودعا لي فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: اللهم اذهب عنه الحرّ والبرد، فما وجدت حراً وبرداً حتى يومي هذا»(3).
ورواه محمّد بن يوسف الزرندي عن سويد بن غفلة قال: «لقينا علي بن أبي طالب عليه السّلام وهو في ثوبين في شدة البرد، فقلنا له: لا تغتر بأرضنا فإنها أرض مقرة وليست مثل أرضك، قال: اما إني قد كنت، فلما بعثني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى خيبر، قلت له: اني كماترى لا دفاء لي واني لأرمد، فتفل في عيني ودعا لي، فما وجدت برداً ولا رمدت عيناي»(4).
وروى الخوارزمي باسناده عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا قال: «حدّثني أبي موسى بن جعفر، حدّثني أبي جعفر بن محمّد، حدّثني أبي محمّد بن علي، حدّثني أبي علي بن الحسين، حدّثني أبي الحسين بن علي، حدّثني أبي علي ابن أبي طالب عليه السّلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «يا علي اني سألت الله تعالى فيك خمس خصال فأعطاني.
أمّا أولها: فسألت ربي أن تشق عني الأرض وانفض التراب عن رأسي وانت معي، فأعطاني.
وأمّا الثانية: فسألت ربي أن يوقفني عند كفة الميزان وأنت معي، فأعطاني.
وأمّا الثالثة: فسألت الله أن يجعلك حامل لوائي الأكبر وهو لواء الله الأكبر، عليه المفلحون الفائزون بالجنة، فأعطاني.
وأمّا الرابعة: فسألت ربّي أن تسقي أمتي من حوضي، فأعطاني.
وامّا الخامسة: فسألت ربي أن تكون قائد أمتي إلى الجنة، فأعطاني، فالحمد لله الذي منَّ علي بذلك»(5).
وروى ابن عساكر باسناده عن جعفر قال: «سمعت أبا ذر وهو مستند إلى الكعبة وهو يقول: ايّها الناس استووا احدّثكم مما سمعت من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول لعلي بن أبي طالب كلمات لو تكون لي احداهن كان أحب إليَّ من الدنيا وما فيها، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو يقول: اللهم أعنه واستعن به، اللهم انصره وانتصر له، فانّه عبدك وأخو رسولك»(6).
وروى الخوارزمي باسناده عن موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عليهم السّلام: «ان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان إذا عطس، قال له علي عليه السّلام: اعلى الله ذكرك يا رسول الله، وإذا عطس علي عليه السّلام، قال له النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: أعلى الله عقبك يا علي»(7).
(1) ذخائر العقبى ص61، ترجمة الإمام علّي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج2 ص274، الحديث 797، الخصائص ص37ـ38، أنساب الأشراف ج2 ص112 رقم 51، فرائد السمطين ج1 ص221، المناقب لابن المغازلي ص135.
(2) الخصائص ص38.
(3) الخصائص ص38.
(4) نظم درر السّمطين ص100.
(5) المناقب الفصل التّاسع عشر ص208، وروى قريباً من ذلك الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ج4 ص339.
(6) ترجمة الإمام علّي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج1 ص111، ورواه الخوارزمي ص92.
(7) المناقب الفصل التّاسع عشر ص223.