عليٌ وزير النبي
روى الخوارزمي باسناده عن سلمان الفارسي، انه سمع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: «ان أخي ووزيري وخير من أخلفه بعدي علي بن أبي طالب»(1).
وروى الحمويني باسناده عن علي بن نزار بن حيان مولى بني هاشم، عن جدّه قال: «سمعت عليّاً عليه السّلام يقول: لأقولنَّ قولا لم يقله أحد قبلي ولا يقوله بعدي الاّ كذاب، أنا عبد الله، وأخو رسوله، ووزير نبي الرحمة، ونكحت سيدة نساء هذه الامة وأنا خير الوصيين»(2).
وروى محمّد بن جرير الطبري في كتاب الدلائل باسناده عن الربيع بن كامل ابن عم الفضل بن الربيع عن الفضل بن الربيع: «ان المنصور كان قبل الدولة كالمنقطع إلى جعفر بن محمّد عليهما السّلام، قال: سألت جعفر بن محمّد بن علي عليهم السّلام على عهد مروان الحمار عن سجدة الشكر التي سجدها أميرالمؤمنين صلوات الله عليه وآله ما كان سببها، فحدّثني عن أبيه محمّد بن علي، قال: حدّثني أبي علي بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أبيه علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، ان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وجّه في أمر من اموره، فحسن فيه بلاؤه وعظم عناؤه، فلما قدم من وجهه ذلك اقبل إلى المسجد ورسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قد خرج يصلي الصلاة، فصلى معه، فلما انصرف من الصلاة اقبل على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فاعتنقه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ثم سأله عن مسيره ذلك وما صنع فيه، فجعل علي عليه السّلام يحدّثه وأسارير رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تلمع سروراً بما حدثه، فلما أتى صلوات الله عليه على آخر حديثه قال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ألا أبشرك يا أبا الحسن؟ قال: فقال علي: فداك أبي وأمي، فكم من خير بشرت به، قال: ان جبرئيل عليه السّلام هبط علي في وقت الزوال، فقال لي: يا محمّد هذا ابن عمك علي وارد عليك، وان الله عزّوجلّ أبلى المسلمين به بلاء حسناً، وانّه كان من صنعه كذا وكذا، فحدّثني بما انبأتني به، فقال لي: يا محمّد أنه نجى من ذرية آدم من تولى شيث بن آدم ـ وصّي أبيه آدم ـ بشيث، ونجى شيث بأبيه آدم، ونجى آدم بالله، يا محمّد، نجى من تولى سام بن نوح ـ وصي أبيه نوح ـ بسام، ونجى سام بنوح، ونجى نوح بالله، يا محمّد، ونجى من تولى اسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن ـ وصّى أبيه إبراهيم ـ باسماعيل، ونجى اسماعيل بإبراهيم، ونجى إبراهيم بالله، يا محمّد، ونجى من تولى يوشع بن نون ـ وصيّ موسى ـ بيوشع، ونجى يوشع بموسى، ونجى موسى بالله، يا محمّد، ونجى من تولى شمعون الصفا وصّي عيسى بشمعون، ونجى شمعون بعيسى، ونجى عيسى بالله، يا محمّد ونجى من تولى علياً وزيرك في حياتك ووصيك عند وفاتك بعلي، ونجى علي بك، ونجوت أنت بالله عزّوجلّ، يا محمّد، ان الله جعلك سيد الأنبياء وجعل علياً سيد الأوصياء وخيرهم، وجعل الأئمة من ذريتكما إلى أن يرث الأرض ومن عليها، فسجد علي صلوات الله عليه وجعل يقبّل الأرض شكراً لله تعالى، وان الله جل اسمه خلق محمّداً وعلياً وفاطمة والحسن والحسين عليهم السّلام اشباحاً يسبحونه ويمجدونه ويهللونه بين يدي عرشه قبل ان يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فجعلهم نوراً ينقلهم في ظهور الاخيار من الرجال وأرحام الخيرات المطهرات والمهذبات من النساء من عصر إلى عصر، فلما أراد الله عزّوجلّ أن يبين لنا فضلهم ويعرفنا منزلتهم ويوجب علينا حقهم أخذ ذلك النور فقسمه قسمين، جعل قسماً في عبدالله بن عبد المطلب فكان منه محمّد سيد النبيين وخاتم المرسلين وجعل فيه النبوة، وجعل القسم الثاني في عبد مناف وهو أبو طالب بن عبدالمطلب فكان منه علي أميرالمؤمنين وسيد الوصيين، وجعله رسول الله وليه ووصيه وخليفته وزوج ابنته وقاضي دينه وكاشف كربته ومنجز وعده وناصر دينه»(3).
وروى ابن عساكر بسنده عن مطير عن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «ان خليلي ووزيري وخير من أخلف بعدي، يقضي ديني وينجز موعودي، علي بن أبي طالب رضي الله عنه»(4).
وروى الهيثمي عن ابن عمر، قال: «بينا أنا مع رسول الله في ظل بالمدينة، ونحن نطلب علياً، اذ انتهينا إلى حائط، فنظرنا إلى علي وهو نائم في الأرض، وقد أغبر، فقال: لا ألوم الناس يكنونك أبا تراب، فلقد رأيت علياً تغير وجهه واشتد ذلك عليه فقال: ألارضيك يا علي قال: بلى يا رسول الله، قال: أنت أخي ووزيري تقضي ديني وتنجز موعدي وتبرىء ذمّتي، فمن احبّك في حياة منّي فقد قضى نحبه، ومن احبك في حياة منك بعدي ختم الله له بالأمن والايمان وآمنه يوم الفزع، ومن مات وهو يبغضك يا علي مات ميتة جاهلية، يحاسبه الله بما عمل في الإسلام»(5).
وروى السيد شهاب الدين أحمد باسناده عن اسماء بنت عميس رضي الله تعالى عنه، قالت: «سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: اللهم اني أقول كما قال أخي موسى: اجعل لي وزيراً من أهلي، علياً اشدد به أزري وأشركه في أمري، كي نسبحك كثيراً ونذكرك كثيراً، انك كنت بنا بصيراً»(6).
وروى القندوزي الحنفي باسناده عن جابر بن عبدالله الانصاري رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «ان الله تبارك وتعالى اصطفاني واختارني وجعلني رسولا، وأنزل علي سيد الكتب، فقلت: إلهي وسيدي إنك أرسلت موسى إلى فرعون فسألك أن تجعل معه أخاه هارون وزيراً يشد به عضده ويصدق به قوله، واني اسألك يا سيدي والهي ان تجعل لي من أهلي وزيراً تشد به عضدي، فاجعل لي علياً وزيراً وأخاً، واجعل الشجاعة في قلبه وألبسه الهيبة على عدوه، وهو أول من آمن بي وصدقني وأول من وحّد الله معي، واني سألت ذلك ربي عزّوجل فأعطانيه فهو سيد الأوصياء، اللحوق به سعادة، والموت في طاعته شهادة، واسمه في التوراة مقرون إلى اسمي، وزوجته الصديقة الكبرى ابنتي، وابناه سيدا شباب أهل الجنة ابناي، وهو وهما والأئمة من بعدهم حجج الله على خلقه بعد النبيين، وهم أبواب العلم في امتي، من تبعهم نجا من النّار ومن اقتدى بهم هدى الى صراط مستقيم، لم يهب الله محبتهم لعبد الا أدخله الله الجنة»(7).
أقول: أورد روايات وزارة علي بن أبي طالب للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم السيد هاشم البحراني، فذكر من طرق العامة أحد عشر حديثاً، ومن طرق الشيعة واحداً وعشرين حديثاً(8).
وهي من الأدلة التي استدل بها العلامة الحلي لأثبات إمامة أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام قائلا: «وفي (مسند أحمد) قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: اني أقول كما قال أخي موسى: (وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي)(9) «علياً» (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي)(10) الآية»(11).
وقد انبرى علماؤنا من بعده لتوضيح دلالتها على الامامة ودفع شبهات المعاندين حولها، فمن شاء المزيد فليراجع(12).
(1) المناقب الفصل التاسع ص62، رواه محمّد بن رستم عنه وعن أنس في تحفة المحبّين بمناقب الخلفاء الراشدين ص185.
(2) فرائد السّمطين ج1 ص311.
(3) كتاب اليقين ص47 مخطوط.
(4) ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج1 ص116 الحديث 157.
(5) مجمع الزّوائد ج9 ص121، ورواه الوصابي ص14، قم 10، والمتقي في المنتخب هامش المسند ـ ج5 ص32.
(6) توضيح الدلائل في تصحيح الفضائل ص409.
(7) ينابيع المودّة الباب الثّاني عشر ص62.
(8) غاية المرام، الباب الثالث والثمانون، والرابع والثمانون ص612 وص 613.
(9) سورة طه: 29.
(10) سورة طه: 31ـ32.
(11) كشف الحق ونهج الصدق 339.
(12) احقاق الحق، الحديث السابع والعشرون ص339 مخطوط.