عليٌّ يؤدّي عن رسول الله
أخرج أحمد باسناده عن حنش عن علي قال: «لما نزلت عشر آيات من براءة على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم دعا النبي أبا بكر رضي الله عنه فبعثه ليقرأ على أهل مكة ثم دعاني النبي فقال لي: أدرك أبا بكر، فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه فأذهب به إلى أهل مكة فاقرأه عليهم، فلحقته بالجحفة فأخذت الكتاب منه، ورجع أبو بكر رضي الله عنه إلى النبي فقال: يا رسول الله نزل فيّ شيء؟ قال: لا، ولكن جبرئيل جاءني فقال: لن يؤدّي عنك الاّ أنت أو رجل منك»(1).
وروى باسناده عن أنس بن مالك «أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بعث ببراءة مع أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه، فلما بلغ ذا الحليفة قال: لا يبلّغها الاّ أنا أو رجل من أهل بيتي، فبعث بها مع علي»(2).
باسناده عن زيد بن يثيع(3): «سألنا علياً رضي الله عنه بأيّ شيء بعثت؟ يعني يوم بعثه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم مع أبي بكر رضي الله عنه في الجحفة قال: بعثت بأربع: لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عهد فعهده إلى مدتّه، ولا يحجّ المشركون والمسلمون بعد عامهم هذا»(4).
قال سبط ابن الجوزي: «ذكر أهل السير: ان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بعث أبا بكر رضي الله عنه يحجّ بالناس سنة تسع من الهجرة، وقال له: ان المشركين يحضرون الموسم ويطوفون بالبيت عراة ولا أحبّ أحجّ حتى لا يكون ذلك، وأعطاه أربعين آية من صدر سورة براءة ليقرأها على أهل الموسم، فلما سار دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم علياً فقال له: اخرج بهذه الآيات من صدر براءة، فإذا اجتمع الناس إلى الموسم فآذن بها، ودفع إليه ناقته العضباء فأدرك أبا بكر بذي الحليفة فأخذ منه الآيات، فرجع أبو بكر إلى رسول الله فقال: بأبي أنت وامي هل نزل فيّ أو في شأني شيء؟ فقال: لا، ولكن لا يبلّغ عني غيري أو رجل مني.
وذكر أحمد في الفضائل: «ان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، قال له: ان جبرئيل جاءني فقال، ابعث علياً، فلما كان يوم النحر قام علي عليه السّلام في الناس فأذن بصدر براءة كما أمره رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
وذكر أحمد في الفضائل بأسناده إلى أبي سعيد الخدري: «ان علياً لما قرأ صدر براءة الآيات التي اخذها من أبي بكر في الطريق نادى: ألا لا يدخل الجنة الاّ نفس مسلمة، ولا يقرب المسجد بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عهد فأجله إلى مدّته، فقال بعض الكفار: نحن نبرأ من عهدك وعهد ابن عمّك. فقال علي: لو لا أن رسول الله أمرني أن لا احدث شيئاً حتى آتيه لقتلتك»(5).
وروى الخوارزمي الخبر عن زيد بن يثيع وعن أنس… وقد تقدّما(6).
وروى الشنقيطي عن حبشي بن جنادة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «عليٌ منّي وأنا من عليّ، ولا يؤدّي عنّي إلاّ أنا أو عليّ(7)…
وسبب هذا الحديث مشهور، فهو في تبليغ خاص لسورة براءة خاصة، اذ قد جاء جبرئيل بالوحي لرسول الله بذلك فقال: لن يؤدي عنك الا أنت أو رجل منك أي من آل بيتك، فقد أخرج أحمد بن حنبل عن علي: أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم حين بعثه ببراءة قال: يا رسول الله، اني لست باللسن ولا بالخطيب، قال: ما بدّلي ان أذهب بها أنا أو تذهب بها أنت، قال: فان كان ولابدّ فاذهب أنا قال: انطلق فإن الله يسدّد لسانك ويهدي قلبك، قال: ثم وضع يده على فمي.
وأخرج أحمد ايضاً عن علي قال: «لما نزلت عشر آيات من براءة…»(8).
وروى ابن عساكر باسناده عنه: «ان النبي جمع قريشاً ثم قال: لا يؤدّي أحدٌ عني ديني الاّ عليّ»(9).
وروى بإسناده عن ابن عبّاس: «ان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: لا يؤدّي عني إلاّ أنا أو علي بن أبي طالب»(10).
وباسناده عن أبي بكر «ان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بعثه ببراءة إلى أهل مكة، وانه لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ولا يدخل الجنّة الاّ نفس مسلمة، وان من كان بينه وبين رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مدة فأجله إلى مدته وان الله عزّوجلّ بريء من المشركين ورسوله، قال: فسار بها ثلاثاً، ثم قال لعلي: الحقه فرده وبلغها أنت قال: ففعل، فلما قدم أبو بكر على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بكى، وقال: يا رسول الله حدث في شيء؟ قال: ما حدث فيك الاّ خير، ولكن أمرت أن لا يبلغه الاّ أنا أو رجل مني».
وباسناده عن جميع بن عمير، قال: «كان ابن عمر في مسجد المدينة فقلت له: حدّثني عن علي، فأراني مسكنه بين مساكن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ثم قال: أحدثك عن علي؟ قال: قلت نعم، قال: فان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بعث أبا بكر بالكتاب، ثم بعث علياً على أثره فأخذه منه فقال: ما لي يا علي، أنزل في شيء؟ قال: لا، فرجع أبو بكر إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: يا رسول الله أنزل في شيء؟ قال: لا ولكنه انما يؤدي عني أنا أو رجل من أهل بيتي، وان علياً رجل من أهل بيتي»(11).
وباسناده عن ابن عبّاس، قال: «بينا أنا مع عمر بن الخطاب في بعض طرق المدينة يده في يدي اذ قال لي: يا ابن عبّاس، ما أحسب صاحبك الاّ مظلوماً! فقلت: فرد إليه ظلامته يا أميرالمؤمنين! قال فانتزع يده من يدي ونفر مني يهمهم، ثم وقف حتى لحقته! فقال لي: يا ابن عبّاس، ما احسب القوم إلاّ استصغروا صاحبك، قال: قلت: والله ما استصغره رسول الله حين أرسله وأمره أن يأخذ براءة من أبي بكر فيقرؤها على الناس. فسكت»(12).
وروى القندوزي بإسناده عن حبشي بن جنادة رضي الله عنه، قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: علي مني وأنا من علي ولا يؤدي عني الا أنا أو علي، رواه الترمذي، ورواه أحمد أيضاً عن حبشي بن جنادة وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح»(13).
(1) مسند أحمد ج1 ص151، ورواه ابن عساكر في ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج2 ص384 الحديث 183.
(2) مسند أحمد ج3 ص212، ورواه السيوطي في الدر المنثور والالوسي في روح المعاني ج3 ص268، والنسائي في الخصائص ص20، والقسطلاني في ارشاد الساري شرح صحيح البخاري ج7 ص142، وابن كثير في البداية والنهاية ج5 ص38، ترجمة علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق ج2 ص377 الحديث 872.
(3) (يُثيع) تاريخ البخاري: ج3 ص408 رقم /1356.
(4) مسند أحمد ج1 ص79.
(5) تذكرة الخواص ص37.
(6) المناقب الفصل الخامس عشر ص101.
(7) قال الشنقيطي: «رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة وقال الترمذي: حديث حسن وفي بعض نسخه حسن صحيح».
(8) كفاية الطالب ص31.
(9) ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج1 ص85 الحديث 137.
(10) ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق ج2 ص378، الحديث 874.
(11) المصدر ج2 ص386، الحديث 885.
(12) المصدر ج2 ص387، الحديث 886.
(13) ينابيع المودة الباب السابع ص54.