دلالة الحديث
أقول: استدل العلاّمة الحلي قدّس سرّه بالرواية التّالية لإثبات إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام قائلا: «في كتاب المناقب لأبي بكر أحمد ابن مردويه، وهو حجّة عند المذاهب الأربعة، رواه بأسناده إلى أبي ذر: دخلنا على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقلنا: من احبّ اصحابك إليك؟ وان كان امرٌ كنا معه، وان كانت نائبة كنا من دونه؟ قال: هذا علي أقدمكم سلماً واسلاماً»(1).
ومع ان ابن مردويه حجّة عند المذاهب الأربعة، فقد ناقش الفضل بن روزبهان في ذلك قائلا «هذا الحديث إن صحّ يدل على فضيلة أميرالمؤمنين وأن النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يحبّه حبّاً شديداً، ولا يدلّ على النص بأمارته، ولو كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ناصاً على خلافته لكان هذا محل اظهاره، وهو ظاهر فانه لما لم يقل انّه الأمير بعدي علم عدم النّص فكيف يصح الاستدلال به»(2).
وتصدّى لجوابه السّيد القاضي نور الله التستري قائلا «قد عرفت سابقاً ان النّص على المعنى المراد كما يكون بالدلالة على ذلك من مجرّد مدلول اللفظ كذلك يكون بإقامة القرائن الواضحة النافية للاحتمالات المخالفة للمعنى المقصود وما نحن فيه من هذا القبيل، فإن قول السائل (وان كان أمر كنا معه، وان كانت نائبة كنا دونه) مع قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «هذا علي أقدمكم» نصّ على إرادة الخلافة، فان قوله عليه السّلام: أقدمكم، بمنزلة الدليل على أهليته للتقدم على سائر الأمّة فقوله: (لو كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ناصّاً لقال انّه الامير بعدي) من باب تعيين الطريق الخارج عن شرع المحصلين، بل لو قال النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ذلك لكان يتعسف الناصب.. ويقول: الامارة ليست نصّاً صريحاً في الخلافة لاستعماله في امارة الجيوش، وفي امارة قوم دون قوم كما قال الانصار: منّا أمير ومنكم امير»(3).
(1) كشف الحقّ باب الاخبار المتواترة عن النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم الدالة على امامته عليه السّلام، الحديث الرّابع ص101.
(2) احقاق الحق ج1 ص318 مخطوط.
(3) احقاق الحقّ وازهاق الباطل ص218 مخطوط.