دلالة الحديث:
أقول: خلق الله آدم من تراب، وقال «وخلقته بيدي» وأمر الملائكة أن يسجدوا له، بينما كنى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم علياً بأبي تراب، فكانت هذه الكنية أحب أسمائه.
قال العلامة الحلّي: «في الجمع بين الصحيحين: ان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم دخل على ابنته فاطمة عليها السلام فقبل رأسها ونحرها وقال: أين ابن عمك؟ قالت: في المسجد، فدخل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فوجد رداءه سقط عن ظهره وخلص التراب إلى ظهره، فجعل يمسح عن ظهره التراب ويقول: أجلس أبا تراب. مرتين»(1).
وناقش الفضل بن روزبهان في ذلك بقوله: «هذا حديث صحيح، وهو من تلطفات النبي صلّى الله عليه وآله لأمير المومنين عليه السّلام واظهار المحبة له، ولا يثبت به نص».
فأجابه السيد القاضي نور الله التستري وأثبت دلالته إلى أن قال: «ولولا ان هذا من الفضائل المتنافس عليها، لما اشتهر كنيته عليه السّلام بها وافتخاره فيه»(2).
وقال الشيخ محمّد حسن المظفر: «نعم هو من تلطفاته صلّى الله عليه وآله وسلّم لأمير المؤمنين عليه السّلام، ولكن تلطفه به حال نومه في المسجد من دون إشعار بالكراهة دليل على عدم كراهة النوم له فيه، وعلى مساواته للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في الحكم والطهارة، كما يفيده حديث سد الابواب إلا بابه، وقد سبق وجه دلالته على امامته عليه السّلام مضافاً إلى دلالة هذا الحديث على شدة زهده البالغ أقصى الغايات الذي يمتاز به على سائر أهل الدرجات لأنه من بيت النعمة والشرف وابن شيخ البطحاء وبيضة البلد، مع ما هو عليه من علو النفس وعزتها وما هو فيه من الشجاعة وريعان الشباب، فيكون ذلك الزهد منه دليلاً على فضل ايمانه ومعرفته وزيادة تقواه ويقينه»(3).
(1) كشف الحق ونهج الصدق باب الأخبار المتواترة عن النبي صلّى الله عليه وآله الدالة على امامة الحديث الثاني والعشرون ص105.
(2) احقاق الحق ص335 مخطوط.
(3) دلائل الصدق ج2 المبحث الرابع ص452.