دلالة الحديث
أقول: أدلّة وصاية أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم متظافرة، ورواياتها أشهر من أن ينكرها أحد، فمن ذلك ما ذكره العلامة الحلّي قائلا: «روى الجمهور بأجمعهم عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال لأمير المؤمنين عليه السّلام: أنت أخي ووصيي وخليفتي من بعدي وقاضي ديني. وهو نص في الباب»(1).
وروى عن مسند أحمد عن سلمان أنه قال: «يا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من وصيّك؟ قال صلّى الله عليه وآله وسلّم يا سلمان من كان وصي أخي موسى؟ قال: يوشع ابن نون قال: فإن وصيّي ووارثي يقضي ديني وينجز موعدي علي بن أبي طالب عليه السّلام»(2).
وروى أيضاً من كتاب ابن المغازلي الشافعي باسناده عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «لكل نبي وصي ووارث، وان وصيّي ووارثي علي بن أبي طالب»(3).
ومن القوم من يشكك في ثبوت الوصية لعلي عليه السلام، مع تلك الأحاديث الكثيرة التي يرويها أعلام القوم كأحمد والطبراني وابن عساكر وأبي نعيم والبغوي والخطيب وغيرهم، مستندين إلى ما يروونه عن عائشة من أنها زعمت أنّ النبي صلّى الله عليه وآله قد توفي على صدرها ولم يوص إلى علي بشيء.
هذا، وقد أجاب علماؤنا عن ذلك بوجوه:
الأول: إن الأحاديث في وصيّته إلى علي في شتّى اموره كثيرة جداً وأسانيدها صحيحة بالاتفاق.
والثاني: إنه لا يشترط أن تكون الوصيّة في الساعات الأخيرة من عمره حتّى يقال ذلك.
والثالث: إنّ أصل دعوى وفاته على صدرها غير صحيحة، بل إنه قد توفي في حضن علي.
والرابع: إنّ عائشة في مثل هذه الامور متّهمة فلا يجوز الأخذ برأيها.
(1) منهاج الكرامة، المنهج الثالث، الحديث الخامس ص103 مخطوط.
(2) كشف الحق ونهج الصدق، الحديث الرابع والخامس ص101 ص102.
(3) نفس المصدر السابق.