دلالة الحديث
واستدل العلامة الحلّي بهذا الحديث لإثبات إمامة عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قائلا: «قال صلّى الله عليه وآله: وأنا ادعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان ثقيلتين في الميزان تملكون بهما العرب والعجم، وتنقاد لكم بهما الأمم، وتدخلون بهما الجنّة وتنجون بهما من النار: شهادة أن لا اله إلاّ الله، وأنيّ رسول الله، فمن يجيبني إلى هذا الأمر ويوازرني على القيام به يكن أخي ووصيّي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي، فلم يجبه أحدٌ منهم، فقال أميرالمؤمنين عليه السّلام: أنا يا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أوازرك على هذا الأمر فقال: اجلس، ثمّ أعاد القول على القوم ثانية فصمتوا، فقال علي عليه السّلام: وقمت فقلت مقالتي الأولى، فقال: اجلس، ثمّ اعاد على القوم مقالته ثالثةً، فلم ينطق احدٌ منهم بحرف،فقمت فقلت: أنا أوازرك يا رسول الله على هذا الأمر، فقال: إجلس فأنت أخي ووصيّي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي، فنهض القوم وهم يقولون لأبي طالب عليه السّلام: ليهنئك اليوم أن دخلت في دين ابن أخيك، فقد جعل ابنك اميراً عليك»(1).
واستدل على ذلك بمضمون آخر في (كشف الحقّ ونهج الصدق).
وعلى الجملة، فإنّه لا مجال للمناقشة في سند هذه القضية، لأن أسانيدها ـ حتى في كتب أهل السنة ـ معتبرة، وأمّا دلالتها فواضحة، ففي متن الخبر امور لا يمكن إنكار دلالتها على الإمامة والولاية العامّة لأميرالمؤمنين بعد رسول الله مباشرة، فإنّه بعد أن أراهم من المعاجز ذكر أنّ الله قد أمره بدعوتهم، وأنه إن لم يفعل ذلك عذّبه، فدعاهم وعرض عليهم ما أمر به، فلم يجبه منهم أحد إلاّ علي، فقال فيه ما قال ممّا هو نصّ في الامامة ووجوب الطاعة المطلقة والاقتداء في جميع الشئون، ما يفهمه كلّ ذي لبٍّ من أهل العربيّة، ولذا جاء في الخبر قولهم لأبي طالب: أمرك أن تسمع لابنك وتطيع، ولا ريب أنّ كلّ ذلك كان بإرادة الله وأمر منه، فإذا كان هذا هو المدلول للكلام والسند معتبر، فلا يصغى لتشكيكات المشككين ومكابرات المعاندين كابن تيمية وابن روزبهان وأمثالهما، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى كتاب (احقاق الحق) وكتاب (دلائل الصدق) وغيرهما من كتب هذا الشأن.
(1) منهاج الكرامة، المنهج الثالث الدّليل الأوّل.