خدعة رفع المصاحف:
قال المسعودي: «وكان الاشتر في هذا اليوم ـ وهو يوم الجمعة ـ على ميمنة علي، وقد أشرف على الفتح، ونادت مشيخة أهل الشام: يا معشر العرب، الله في الحرمات والنساء والبنات، وقال معاوية: هلم مخباتك يا ابن العاص فقد هلكنا، وتذكر ولاية مصر، فقال عمرو: ايّها الناس، من كان معه مصحف فليرفعه على رمحه فكثر في الجيش رفع المصاحف، وارتفعت الضجة ونادوا: كتاب الله بيننا وبينكم، من لثغور الشام بعد أهل الشام، ومن لثغور العراق بعد أهل العراق؟ ومن لجهاد الروم؟ ومن للترك؟ ومن للكفار؟ ورفع في عسكر معاوية نحو من خمسمائة مصحف، وفي ذلك يقول النجاشي بن الحارث:
فاصبح أهل الشام قد رفعوا القنا *** عليها كتاب الله خير قرآن
ونادوا علياً: يا ابن عمّ محمّد *** أما تتقي أن يهلك الثقلان»(1)
قال ابن الأثير: «فلما رأى عمرو أن أمر أهل العراق قد اشتد وخاف الهلاك قال لمعاوية: هل لك في أمر أعرضه عليك لا يزيدنا إلا اجتماعاً ولا يزيدهم إلا فرقة؟ قال: نعم. قال: نرفع المصاحف ثم نقول لما فيها: هذا حكم بيننا وبينكم فان أبي بعضهم أن يقبلها وجدت فيهم من يقول: ينبغي لنا أن نقبل، فتكون فرقة بينهم، وان قبلوا ما فيها رفعنا القتال عنا إلى أجل. فرفعوا المصاحف بالرماح وقالوا: هذا حكم كتاب الله عزّوجل بيننا وبينكم من لثغور الشام بعد أهله؟ من لثغور العراق بعد أهله؟ فلما رآها الناس قالوا: نجيب إلى كتاب الله»(2).
(1) مروج الذهب ج2 ص400.
(2) الكامل لابن الأثير ج3 ص316.