إصرار الأشعث على التحكيم:
قال المسعودي: «وقال الأشعث: ان شئت أتيت معاوية فسألته ما يريد، قال: ذلك اليك فأته ان شئت، فأتاه الأشعث فسأله، فقال له معاوية: نرجع نحن وأنتم إلى كتاب الله والى ما أمر به في كتابه: تبعثون منكم رجلا ترضونه وتختارونه ونبعث برجل، ونأخذ عليهما العهد والميثاق أن يعملا بما في كتاب الله ولا يخرجا عنه، وننقاد جميعاً إلى ما اتفقا عليه من حكم الله، وصوّب الاشعث قوله وانصرف إلى علي، فأخبره ذلك، فقال أكثر الناس: رضينا وقبلنا وسمعنا واطعنا، فاختار أهل الشام عمرو بن العاص، وقال الأشعث وممن ارتد بعد ذلك إلى رأي الخوارج: رضينا نحن بأبي موسى الاشعري فقال علي: قد عصيتموني في أول هذا الأمر فلا تعصوني الآن، اني لا أرى أن أولّي أبا موسى الاشعري فقال الاشعث ومن معه: لا نرضى إلا بأبي موسى الاشعري، قال: ويحكم! هو ليس بثقة قد فارقني وخذّل الناس عنّي وفعل كذا وكذا، وذكر أشياء فعلها أبو موسى، ثم انه هرب شهوراً حتى أمنته، لكن هذا عبدالله بن عبّاس أوليه ذلك، فقال الأشعث واصحابه: والله لا يحكم فينا مضريان، قال علي: فالأشتر، قالوا: وهل هاج هذا الأمر الا الأشتر، قال: فاصنعوا الآن ما أردتم، وافعلوا ما بدا لكم أن تفعلوه، فبعثوا إلى أبي موسى وكتبوا له القصة، وقيل لأبي موسى: ان الناس قد اصطلحوا فقال: الحمد لله، قيل: وقد جعلوك حكما، قال: أنا لله وأنا اليه راجعون»(1).
(1) مُروج الذهب ج2 ص401.