أم معاوية هند بنت عتبة
كانت هند من اعداء رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، قال معاوية: لما أسلمت قالت لي: ان هاجرت قطعنا عنك النفقة(1).
بعد ما أسلم أبو سفيان ظاهراً ودخل مكة، انتهى إلى هند بنت عتبة فأخذت برأسه فقالت: ما وراءك؟ قال: هذا محمّد في عشرة آلاف عليهم الحديد، وقد جعل لي من دخل داري فهو آمن ومن اغلق بابه فهو آمن، ومن طرح السلاح فهو آمن قالت: قبحك الله رسول قوم… وجعلت هند تقول: اقتلوا وافدكم هذا، قبحك الله وافد قوم، ويقول أبو سفيان: ويلكم لا تغرنكم هذه من انفسكم(2).
وقال ابن الطقطقي: «وكانت في وقعة احد، لما صرع حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه عم رسول الله صلّى الله عليه وآله من طعنة الحربة التي طعنها جاءت هند، فمثلت بحمزة وأخذت قطعة من كبده فمضغتها حنقاً عليه لأنه كان قد قتل رجالا من اقاربها، فلذلك يقال لمعاوية، ابن آكلة الاكباد. ولما فتح النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم مكة حضرت إليه متنكرة في جملة نساء من نساء مكة أتين ليبايعنه، فلما تقدمت هند لمبايعته اشترط صلوات الله عليه وآله شروط الاسلام عليها، وهو لا يعلم انها هند، فاجابته بأجوبة قوية على خوفها منه فممّا قال لها وقالت، قال لها صلّى الله عليه وآله وسلّم: «تبايعنني على ان لا تقتلن أولاد كن» وكانوا في الجاهلية يقتلون الأولاد، فقالت هند: اما نحن فقد ربيناهم صغاراً وقتلتهم كباراً يوم بدر فقال «وعلى ان لا تعصينني في معروف» قالت: ما جلسنا هذا المجلس وفي عزمنا ان نعصيك، قال: «وعلى ان لا تسرقن» قالت: وما سرقت عمري شيئاً، اللهم الا انني كنت آخذ من مال ابي سفيان شيئاً في بعض الوقت وكان أبو سفيان زوجها حاضراً فحينئذ علم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم انها هند، فقال: هند؟ قالت: نعم يا رسول الله، فلم يقل شيئاً لأن الاسلام جبّ ما قبله ثم قال: «وعلى ان لا تزنين» قالت: وهل تزني الحرة؟ قالوا: فالتفت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى العبّاس رضي الله عنه وتبسم»(3).
(1) تطهير الجنان واللسان لابن حجر الهيتمي ص7 طبع مكتبة القاهرة.
(2) المغازي للواقدي ج2 ص822.
(3) الفخري في الآداب السلطانيّة والدّول الاسلاميّة ص103.