الاُولى: استنباط الحكم الشرعي من القضيّة
قال الجصّاص:
«باب العمل اليسير في الصّلاة. قال اللّه تعالى: (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ…) روى عن مجاهد والسدّي وأبي جعفر وعتبة بن أبي حكيم، أنّها نزلت في علي ابن أبي طالب حين تصدّق بخاتمه وهو راكع… .
وقد اختلف في معنى قوله (وَهُمْ راكِعُونَ)… فإن كان المراد فعل الصدقة في حال الركوع فإنّه يدلّ على إباحة العمل اليسير في الصلاة… فإنْ قال قائل: فالمراد أنّهم يتصدّقون ويصلّون ولم يرد به فعل الصدقة في الصلاة. قيل له: هذا تأويل ساقط، من قِبَل أنّ قوله تعالى: (وَهُمْ راكِعُونَ) إخبار عن الحال التي تقع فيها الصدقة، كقولك: تكلّم فلان وهو قائم، وأعطى فلاناً وهو قاعد، إنّما هو إخبار عن حال الفعل… فثبت أنّ المعنى ما ذكرناه من مدح الصدقة في حال الركوع أو في حال الصلاة.
وقوله تعالى: (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) يدل على أن صدقة التطوّع تسمّى زكاةً، لأنّ عليّاً تصدّق بخاتمه تطوّعاً، وهو نظير قوله تعالى: (وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاة تُريدُونَ وَجْهَ اللّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) قد انتظم صدقة الفرض والنفل، فصار اسم الزكاة يتناول الفرض والنفل، كاسم الصدقة وكاسم الصلاة، ينتظم الأمرين»(1).
وكذا في تفسير القرطبي ـ نقلاً عن الكيا الطبري(2) وأشار إليه الزمخشري وأبو السعود وغيرهما.
قلت: وفيه فوائد:
1 ـ ترتّب الأثر الفقهي، واستنباط الحكم الشرعي من هذه القضيّة.
2 ـ إنّ لفظ «الزكاة» يعم الفرض والنفل.
3 ـ إنّ «الواو» في (وَهُمْ راكِعُونَ) حاليّة.
(1) أحكام القرآن للجصّاص 2 / 625 ـ 626.
(2) تفسير القرطبي 6 / 221.