أقول:
إنّ الإستدلال يتّضح ببيان مفردات الآية المباركة، فنقول:
«إنّما» دالّة على الحصر كقوله تعالى: (إِنَّمَا اللّهُ إِلهٌ واحِدٌ).
و«الولاية» هنا بمعنى «الأولوية» كما في قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه» وكما في قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «علي منّي وأنا من علي وهو وليّكم بعدي»(1).
«الذين آمنوا» المراد خصوص أمير المؤمنين عليه السلام، للأحاديث الصحيحة المتّفق عليها.
«وهم راكعون» هذه «الواو» حاليّة، و«راكعون» بمعنى «الركوع» الذي هو من أفعال الصلاة، وذلك للأحاديث في أنّ أمير المؤمنين أعطى السائل خاتمه في حال الركوع.
وعلى الجملة، فإنّ العمدة في الإستدلال بالآية المباركة نزولها لدى الفريقين في قضيّة إعطاء أمير المؤمنين عليه السلام خاتمه للسائل في حال الركوع من صلاته، وأن «الولاية» في الآية هي «الأولويّة».
أمّا كون «الولاية» بالمعنى المذكور، فلأنّ سائر معاني الكلمة لا يجتمع شيء منها مع الحصر المدلول للفظة «إنّما» وقد أوضحنا بالتفصيل مجيء «الولاية» بمعنى «الأولويّة بالتصرف» ـ كتاباً وسنّةً ولغةً وعرفاً ـ في كتابنا الكبير في بيان دلالة الحديثين المذكورين على الإمامة.
وأمّا كون المراد من الآية هو علي عليه السلام، فللأحاديث، وقد اعترف غير واحد من الأعلام باتفاق المفسرين على ذلك، كما اعترف الآلوسي بأنّه رأي غالب الأخباريين.
(1) راجع (حديث الغدير) و(حديث الولاية) من كتابنا الكبير (نفحات الازهار) الأجزاء (8 ـ 9) و(15 ـ 16).