هذا ما يقوله علماؤنا بالنظر إلى روايات أهل السنّة، وهذه نصوص عدّة منها من أشهر كتبهم وبالأسانيد الموثوق بها:
1 ـ أخرج أحمد بإسناده عن أبي بكر: «إن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بعثه ببراءة لأهل مكة، لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، من كان بينه وبين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عهد، فأجله إلى مدّته واللّه بريء من المشركين ورسوله.
قال: فسار بها ثلاثاً ثم قال لعلي: إلحقه فردّ عليّ أبا بكر وبلّغها أنت. ففعل.
فلما قدم على النبي أبو بكر بكى، قال: يا رسول اللّه، حدث فيّ شيء؟ قال: ما حدث فيك إلا خير، ولكن أمرت أن لا يبلّغه إلا أنا أو رجل مني»(1).
2 ـ أخرج أحمد بإسناده عن علي عليه السلام قال: «لمّا نزلت عشر آيات من سورة براءة على النبي، دعا النبي أبا بكر فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة، ثم دعاني النبي فقال لي: أدرك أبا بكر، فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه، فاذهب به إلى مكة فاقرأه عليهم، فلحقته بالجحفة فأخذت الكتاب منه.
ورجع أبو بكر إلى النبي، فقال: يا رسول اللّه نزل فيّ شيء؟ قال: لا، ولكن جبرئيل جاءني فقال: لن يؤدّي عنك إلا أنت أو رجل منك»(2).
3 ـ أخرج أحمد بإسناده عن أنس: «إن رسول اللّه بعث ببراءة مع أبي بكر إلى أهل مكة. قال: ثم دعاه فبعث بها عليّاً»(3).
4 ـ أخرج الترمذي عن زيد بن يثيع قال: «سألنا عليّاً بأي شيء بعثت في الحجة؟ قال: بعثت بأربع: أن لا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين النبي عهد فهو إلى مدّته، ومن لم يكن له عهد فأجله إلى أربعة أشهر، ولا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يجتمع المشركون والمسلمون بعد عامهم هذا»(4).
5 ـ أخرج الحاكم بإسناده عن ابن عمر في حديث قال: «إن رسول اللّه بعث أبا بكر وعمر ببراءة إلى أهل مكة. فانطلقا فإذا هما براكب، فقالا: من هذا؟ قال: أنا علي يا أبا بكر، هات الكتاب الذي معك، فأخذ علي الكتاب فذهب به، ورجع أبو بكر وعمر إلى المدينة.
فقالا: ما لنا يا رسول اللّه؟
قال: ما لكما إلا خير، ولكن قيل لي: لا يبلّغ عنك إلا أنت أو رجل منك»(5).
فهذا ما يقوله علماؤنا… فماذا يقول المدافعون عن أبي بكر ـ معتزلة وأشاعرة ـ في الجواب؟
(1) مسند أحمد 1 / 3.
(2) مسند أحمد 1 / 151، الخصائص: 91، المستدرك 3 / 51، تفسير ابن كثير 2 / 346 ـ 347، الدر المنثور في التفسير بالمأثور 3 / 209.
(3) مسند أحمد 3 / 283، وكذا الحديث عن أنس عند الترمذي في السنن 4 / 339، الخصائص: 91، البداية والنهاية 5 / 46، إرشاد الساري 7 / 136 روح المعاني 3 / 268.
(4) سنن الترمذي 4 / 340.
(5) المستدرك على الصحيحين 3 / 51 .