من أسانيده المعتبرة
هذا، ولهذا الخبر أسانيد معتبرة في كتب القوم، نتعرض لبعضها على أساس كلمات علمائهم في الجرح والتعديل، واُصولهم المقرّرة في علم الرجال:
1 ـ رواية ابن أبي حاتم
فمن الأسانيد المعتبرة; رواية ابن أبي حاتم عن سلمة بن كهيل:
لأن «ابن أبي حاتم» هو الإمام الحافظ الشهير، الغنيّ عن التعريف(1).
و«أبو سعيد الأشج» هو: عبداللّه بن سعيد الكندي، ومن رجال الصحاح الستّة(2).
و«الفضل بن دكين» من رجال الصحاح الستة كذلك(3) ومن كبار شيوخ البخاري.
و«موسى بن قيس الحضرمي» قال ابن حجر: «يلقّب عصفور الجنّة، صدوق، رمي بالتشيّع»(4).
و«سلمة بن كهيل» من رجال الصحاح الستّة أيضاً(5).
2 ـ رواية ابن أبي حاتم أيضاً
وهي روايته عن عتبة بن أبي حكيم:
«الرّبيع بن سليمان المرادي» من رجال أبي داود والنسائي وابن ماجة.
قال ابن حجر: «صاحب الشافعي. ثقة»(6).
و«أيوب بن سويد» وهو الرملي، من رجال أبي داود والترمذي وابن ماجة.
قال ابن حجر: «صدوق، يخطئ»(7).
و«عتبة بن أبي حكيم» من رجال الأربعة والبخاري في خلق أفعال العباد.
قال ابن حجر: «صدوق، يخطىء كثيراً»(8).
3 ـ رواية ابن جرير الطبري
فقد روى خبر عتبة بن أبي حكيم عن:
«إسماعيل بن إسرائيل الرملي» ذكره السمعاني فقال: «سمع منه أبو محمّد عبدالرحمن بن أبي حاتم وقال: كتبت عنه وهو ثقة صدوق»(9).
عن «أيوب بن سويد»
عن عتبة بن أبي حكيم»
وقد عرفتهما.
4 ـ رواية ابن مردويه
وهي الرواية التي ذكرها ابن كثير، وتعقّبها بقوله: «الضحّاك لم يلق ابن عباس» فنقول:
إذا كان هذا فقط هو المطعن فالأمر سهل:
أمّا أوّلاً: فإنّه ـ وإن قال بعضهم: «لم يلق ابن عبّاس» ـ قد ورد حديثه عنه في ثلاثة من الصحاح(10)، وابن حجر العسقلاني لم يقدح في هذه الرواية.
وأمّا ثانياً: فإنّه لو كانت روايته عن ابن عبّاس مرسلةً، فالواسطة معلومة حتّى عند القائل بإرسالها، فقد رووا عن شعبة، قال: «حدّثني عبدالملك بن ميسرة، قال: الضحّاك لم يلق ابن عبّاس، إنّما لقي سعيد بن جبير بالريّ، فأخذ عنه التفسير»(11).
وعليه، فرواياته عن ابن عبّاس في التفسير مسندة غير مرسلة، إذ كلّها بواسطة «سعيد بن جبير» الثقة الثبت بالإتّفاق، غير إنّه كان لا يذكر الواسطة لدى النقل تحفّظاً على سعيد، لكونه مشرّداً مطارداً من قبل جلاوزة الحجّاج الثقفي، وتحفّظاً على نفسه أيضاً، لكونه قصد سعيداً في الريّ للأخذ عنه، وجعل يروي ما أخذه عنه وينشر رواياته بين الناس، لا سيّما مثل هذا الخبر الذي يُعَدّ من جلائل مناقب أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.
هذا، واعلم أنّ «ابن سنان» الراوي عن «الضحّاك» هو ـ بقرينة الراوي والمروي عنه ـ : «سعيد بن سنان البرجمي الكوفي، نزل الريّ» قال الحافظ: «صدوق له أوهام» وعلّم عليه علامة: مسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة(12).
ولا أستبعد أن يكون «ابن سنان» هذا أيضاً من المشرّدين اللاّجئين إلى الريّ خوفاً من الحجّاج، وأن يكون إسقاط اسم «سعيد بن جبير» منه… واللّه العالم.
وكيف كان، فالرواية من الأسانيد المعتبرة الواردة في الباب.
5 ـ رواية الحاكم النيسابوري
رواه بإسناد له عن أمير المؤمنين عليه السلام كما تقدّم.
أمّا «محمّد بن عبداللّه الصفّار» فهو: محمّد بن عبداللّه بن أحمد الإصفهاني الزاهد، قال الحاكم: «هو محدّث عصره، كان مجاب الدعوة، لم يرفع رأسه إلى السماء كما بلغنا نيّفاً وأربعين سنة» ووصفه الذهبي بـ«الشيخ الإمام المحدّث القدوة» وقال السمعاني: «وكان زاهداً حسن السيرة ورعاً كثير الخير».
توفي سنة 339»(13).
و«أبو يحيى عبدالرحمن بن محمّد» من كبار الحفّاظ المشهورين، ترجم له الحافظ أبو نعيم فقال: «سكن إصبهان، إمام جامعها، توفي سنة 291، مقبول القول، حدّث عن العراقيين وغيرهم الكثير، صاحب التفسير والمسند… حدّثنا سليمان بن أحمد، ثنا عبدالرحمن بن محمّد بن سلم…»(14) وذكره الذهبي، فترجم له بالحافظ المجود العلاّمة المفسّر… حدّث عنه القاضي أبو أحمد العسّال، وأبو القاسم الطبراني… وكان من أوعية العلم…»(15).
و«محمّد بن يحيى بن الضريس، الكوفي الفيدي، ذكره ابن أبي حاتم فقال: «كان يسكن فيد، روى عن محمّد بن فضيل، والوليد بن بكير، ومحمّد بن الطفيل، وعمرو بن هاشم الجنبي، وعيسى بن عبداللّه بن محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالب، سمع منه أبي وروى عنه. سمعت أبي يقول ذلك. سئل أبي عنه فقال: صدوق»(16).
و«عيسى بن عبداللّه بن عبيداللّه بن عمر بن علي بن أبي طالب» ذكره ابن حبّان في (كتاب الثقات)(17).
عن «عبيداللّه بن عمر». وهذا اشتباه، فإنّ الصحيح هو: عيسى بن عبداللّه بن محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالب، فإنّ والد «عبداللّه» هو «محمّد» وليس «عبيداللّه»، وكذلك جاء في تاريخ ابن عساكر، كما سنذكر في تصحيح روايته. أمّا رواية الحاكم هذه، فقد جاءت في نقل الحافظ ابن حجر عن كتاب (معرفة علوم الحديث) على الوجه الصحيح، كما تقدّم عن (الكاف الشاف).
و«عبداللّه بن محمّد» من رجال أبي داود والنسائي، وذكره ابن حبّان في الثقات(18).
و«محمّد بن عمر» من رجال الصحاح الستّة(19).
عن «عمر بن علي» وهو من رجال الصّحاح الستّة أيضاً(20).
فالسند صحيح قطعاً.
6 ـ رواية ابن عساكر
وقد أخرج الحافظ ابن عساكر هذا الخبر بإسناد له عن أمير المؤمنين عليه السلام، وهذه تراجم رجاله:
«أبو علي الحدّاد» وهو: الحسن بن أحمد بن الحسن الإصفهاني. قال السمعاني: «كان عالماً ثقة صدوقاً من أهل العلم والقرآن والدين، سمع من أبي نعيم تواليفه» ووصفه الذهبي: بـ«الشيخ الإمام، المقرىء المجوّد، المحدّث المعمّر، مسند العصر» وتوفي سنة 515(21).
«أبو نعيم الحافظ» وهو الحافظ أبو نعيم الإصفهاني، المشهور المعروف، ولا حاجة إلى توثيقه.
«سليمان بن أحمد» وهو الطّبراني، الحافظ الشهير، ولا حاجة إلى توثيقه.
عن «عبدالرحمن بن سلم الرازي»
عن «محمّد بن يحيى بن الضريس»
عن «عيسى بن عبداللّه»
إلى آخر السند. وقد عرفتهم في رواية الحاكم.
والصحيح هو: «عيسى بن عبداللّه بن محمّد بن عمر بن علي» كما أشرنا، وهكذا جاء اسمه في تاريخ ابن عساكر، في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام، حيث روى عنه بإسناده حديث الطير، عن أبيه عن جدّه، عن أمير المؤمنين عليه السلام(22).
(1) راجع مثلاً: سير أعلام النبلاء 13 / 247 ـ 262.
(2) تقريب التهذيب 1 / 419.
(3) تقريب التهذيب 2 / 110.
(4) تقريب التهذيب 2 / 287.
(5) تقريب التهذيب 1 / 318.
(6) تقريب التهذيب 1 / 245.
(7) تقريب التهذيب 1 / 90.
(8) تقريب التهذيب 2 / 4.
(9) الأنساب 5 / 585 «اللآل».
(10) تهذيب الكمال 13 / 291.
(11) تهذيب الكمال 13 / 293.
(12) تقريب التهذيب 1 / 298.
(13) الأنساب ـ الصفّار 3 / 553، سير أعلام النبلاء 15 / 437.
(14) أخبار إصبهان 2 / 112.
(15) سير أعلام النبلاء 13 / 530.
(16) الجرح والتعديل 8 / 124.
(17) كتاب الثقات 8 / 492.
(18) تهذيب التهذيب 6 / 16.
(19) تقريب التهذيب 2 / 194.
(20) تقريب التهذيب 2 / 60.
(21) سير أعلام النبلاء 19 / 303.
(22) تاريخ دمشق 42 / 245.