وقد حاول بعض القوم الدفاع عنه:
فقال قاضي القضاة المعتزلي: إنه طلب الاستحباب في ترك المغالاة، والتواضع في قوله: كلّ الناس أفقه من عمر.
قال العلاّمة: وهذا خطأ، فإنه لا يجوز ارتكاب المحرَّم ـ وهو أخذ المهر وجعله في بيت المال ـ لأجل فعل مستحب. والرواية منافية، لأن المروي أنّه حرّمه ومنعه حتى قالت المرأة: كيف تمنعنا ما أحلّ اللّه لنا في محكم كتابه. وأما التواضع، فإنه لو كان الأمر كما قال عمر، لاقتضى إظهار القبيح وتصويب الخطأ، ولو كان العذر صحيحاً لكان هو المصيب والمرأة مخطئة».
وابن روزبهان تبع القاضي المعتزلي، وقال في جواب العلاّمة: «لم يرتكب المحرَّم بل هدّد به، وللإمام أن يهدّد ويوعد بالقتل والتعزير والاستصلاح، فأوعد الناس وهدّدهم بأخذ المال إن لم يتركوا المغالاة، فلا يكون ارتكاب محرّم، ولم يرووا أنه أخذ شيئاً من المهور الغالية ووضعها في بيت المال، ولو فعله لارتكب محرّماً على زعمه».
أقول:
نعم، لولا المرأة، وأن الناس كلّهم أفقه من عمر حتّى المخدّرات… لفعل، ولبقي فعله ديناً يعملون به، كما في التراويح والمتعتين وغيرهما.
ولكن صاحب المواقف وغيره لما التفتوا إلى عدم الجدوى في الدفاع بمثل هذا الكلام، اعترفوا بخطأ عمر ثم قالوا: بأنه لا ينافي الاجتهاد ولا يقدح في الإمامة(1).
وأضاف ابن تيمية أن إقرار عمر بخطئه فضيلة فقال: إن هذه القصّة دليل على كمال فضل عمر ودينه وتقواه ورجوعه إلى الحق إذا تبين له، وأنه يقبل الحق حتى من امرأة، ويتواضع له…(2).
هكذا يقول هنا مع تصريحه في أكثر من موضع في كتابه بقبح تقدّم المفضول على الفاضل… .
(1) شرح المواقف 8 / 281.
(2) منهاج السنّة 6 / 76.