الشرح:
وهذا مورد آخر ذكره علماؤنا عن كتب القوم، للدّلالة على عدم أهليّة أبي بكر للإمامة، ولإثبات بطلان خلافته. وقد أجاب المدافعون عنه بوجوه:
قال ابن تيمية: الجواب: إن هذا كذب على أبي بكر، وهو لم يذكر له إسناداً. ومعلومٌ أن من احتج في أي مسألة كانت بشيء من النقل، فلابدّ أن يذكر اسناداً تقوم به الحجة، فكيف بمن يطعن في السابقين الأولين بمجرّد حكاية لا إسناد لها؟ ثم يقال: هذا يقدح فيما يدّعونه من النص على علي، فإنه لو كان قد نصّ على علي لم يكن للأنصار فيه حق ولم يكن في ذلك شك(1).
وقال التفتازاني: «والجواب: إن هذا ـ على تقدير صحته ـ لا يدلّ على الشك، بل على عدم النص»(2).
وقال ابن روزبهان: «إن صحّ هذا، فمن باب الاحتياط وزياد الإيقان، وأنه لمّا دفع الأنصار عن الخلافة، كانت تقواه تدعوه إلى طلب النص. فأما حديث الأئمة في قريش، فلم يروه أبو بكر، بل رواه غيره من الصحابة، وكان هو لا يعتمد على خبر الواحد، وكان تمنى أن يسمع هو بنفسه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عدم حقيّة الأنصار في الخلافة. وهذا من غاية تقواه وحرصه على زيادة العلم والإيقان»(3).
(1) منهاج السنّة 5 / 482.
(2) شرح المقاصد 2 / 293.
(3) انظر: دلائل الصدق 3 / 29.