قال ابن تيمية:
«والجواب من وجوه:
أحدها: منع المقدمة الثانية الكبرى، فإنّا لا نسلّم أن عليّاً أفضل أهل زمانه، بل خير هذه الاُمّة بعد نبيّها أبو بكر ثمّ عمر.
الثاني: إن الجمهور من أصحابنا وغيرهم، وإنْ كانوا يقولون: يجب تولية الأفضل مع الإمكان، لكنّ هذا الرافضي لم يذكر حجة على هذه المقدّمة»(1).
أقول:
فأنت ترى أنّه عاجزٌ عن الجواب عن المقدّمة الاولى.
وأمّا المقدّمة الثانية، فقد اكتفى بدعوى أنّ خير هذه الاُمّة أبو بكر ثمّ عمر… .
ثم تكلّم في الآية المباركة قائلاً:
«وأمّا الآية المذكورة، فلا حجة فيها له، لأن المذكور في الآية: من يهدي إلى الحق ومن لا يهديّ إلاّ أنْ يهدى، والمفضول لا يجب أنْ يهدى إلاّ أنْ يهديه الفاضل، بل قد يحصل له هدىً كثير بدون تعلّم من الفاضل… .
وأيضاً، فالذي يهدي إلى الحق مطلقاً هو اللّه…»(2).
أقول:
وهذا تمام كلامه في الدليل الخامس.
والحقيقة: إن ابن تيميّة في أغلب البحوث عيالٌ على غيره، فإذا عجزوا عن الجواب في موضع اضطرّ إلى السكوت وقصر كلامه.
ومسألة الأفضلية من المواضع المشكلة عليهم!
أمّا كبرى المسألة، وهي قبح تقديم المفضول على الفاضل، فقاعدة عقليّة، من يكابر فيها دلّ على عدم فهمه وقلّة عقله.
وأمّا صغرى المسألة، وهي دعوى أفضليّة أبي بكر، فمجرّد دعوى، لا يدعمها أيّ دليل، بل الأدلّة على كذبها.
ولذا، فقد وجدنا غير واحد من علمائهم الكبار يدخلون في البحث ويطرحون دعوى أفضليّة أبي بكر، ثم يتراجعون قائلين بأنّ الأولى إيكال الأمر إلى اللّه.
(1) منهاج السنة 6 / 475 ـ 476.
(2) منهاج السنة 6 / 475 ـ 476.