واختلفت كلمات علماء أهل السنّة من الأشاعرة والمعتزلة، وإلى الباحث المنصف بعض كلماتهم لينظر أيّها الأولى بالقبول:
قال ابن حزم: «اختلف الناس في هل تعصي الأنبياء أمْ لا؟ فذهبت طائفة إلى أنّ رسل اللّه يعصون اللّه في جميع الكبائر والصغائر عمداً، حاشا الكذب في التبليغ فقط. وهذا قول الكرّامية من المرجئة وقول أبي الطيب الباقلاني من الأشعرية ومن اتّبعه. (قال) وأمّا هذا الباقلاني، فإنّا رأينا في كتاب صاحبه أبي جعفر السمناني قاضي الموصل أنه كان يقول: إن كلّ ذنب دقّ أو جلّ فإنه جائز على الرسل، حاشا الكذب في التبليغ فقط، وإذا نهى النبي عن شيء ثمّ فعله، فليس دليلاً على أنّ ذلك النهي قد نسخ، لأنه قد يفعله عاصياً للّه تعالى، وليس لأصحابه أن ينكروا عليه، وجوّز أنْ يكون في اُمّة محمّد صلّى اللّه عليه وآله من هو أفضل من محمّد منذ بعث»(1).
وإذا كان يجوز على النبي ارتكاب كلّ ذنب، فيجوز عليه الغلط والخطأ والنسيان والسّهو بالأولويّة، وقد صرّحوا بذلك أيضاً.
بل إنّ بعضهم جوّز الكذب في التبليغ كذلك:
قال ابن حزم: «سمعت من يحكي عن بعض الكرّامية أنهم يجوّزون على الرسل الكذب في التبليغ أيضاً».
(1) الفصل في الملل والنحل 2 / 284، وانظر: الأربعين في اصول الدين للرازي 1 / 279، شرح المقاصد 5 / 50 ، شرح المواقف 8 / 264.