5 ـ عبد اللّه بن عامر
قال قدس سره: وولّى عبداللّه بن عامر العراق… .
الشرح:
وهو: عبد اللّه بن عامر بن كريز… وهو ابن خال عثمان بن عفان، ام عثمان أروى بنت كريز. ولد بعد الهجرة بأربع سنين، وتوفي النبي صلّى اللّه عليه وآله وله ثلاث عشرة سنة. ومات سنة تسع وخمسين وقيل ستين.
ولّى عثمان عبد اللّه بن عامر البصرة وفارس في حداثة سنّه، إذ كان ابن أربع أو خمس وعشرين سنة، فعزل أبا موسى الأشعري عن البصرة وعزل عثمان بن أبي العاص عن فارس.
وقد كان ولاية ابن عامر على البصرة وغيرها من جملة ما نقم الناس به عثمان(1)، فهو الذي سيَّر عامر بن عبد قيس التميمي ـ المعروف بين الناس بالصّلاح والزهد والنسك ـ من البصرة إلى الشام، فأعظم الناس إشخاصه وإزعاجه وكان مما نقم به على عثمان(2)، وهو الذي تصرّف في أموال المسلمين هناك، حتى دفع إلى عبد اللّه بن خالد بن أسيد ـ وهو زوج ابنة عثمان ـ ستمائة ألف درهم…(3).
فإن كان كلّ ذلك بأمر من عثمان فالمصيبة أعظم.
ولمّا قام المسلمون على عثمان، يريدون منه عزل أمرائه على البلاد، أرسل إلى معاوية وإلى عبداللّه بن سعد بن أبي سرح وإلى سعيد بن العاص وإلى عمرو بن العاص وإلى عبد اللّه بن عامر، فجمعهم ليشاورهم في أمره. فقال له عبد اللّه بن عامر:
رأيي لك يا أمير المؤمنين أن تأمرهم بجهاد يشغلهم عنك، وأن تجمّرهم في المغازي حتى يذلّوا لك، فلا يكون همّة أحدهم إلا نفسه وما هو فيه من دبرة دابّته وقمّل فروه(4).
لكن ابن عامر ومعاوية لمّا كتب إليهما عثمان يستنجدهما لم يغنيا عنه شيئاً!!
فلما استنجد بأمير المؤمنين عليه السلام يطلب منه الوساطة، قال أمير المؤمنين عليه السلام لسعد بن أبي وقاص: «واللّه ما زلت أذبُّ عنه حتى أني لأستحيي، ولكن مروان ومعاوية وعبد اللّه بن عامر وسعيد بن العاص هم صنعوا به ما ترى، فإذا نصحته أن تنحّيهم استغشّني حتى جاء ما ترى»(5).
بل جاء في الأخبار أن أمير المؤمنين عليه السلام صارح بذلك عثمان، فجعل عثمان يدافع عن تولية ابن عامر قائلاً للإمام عليه السلام: «فلم تلومني إن ولّيت ابن عامر في رحمه وقرابته؟»(6).
ومن هنا، فقد خاطبه محمد بن أبي بكر ـ في السّاعات الأخيرة من عمره ـ قائلاً «ما أغنى عنك معاوية! وما أغنى عنك ابن عامر!»(7).
ثم كان عبد اللّه بن عامر من أصحاب طلحة والزبير، ثم من أصحاب معاوية، وكان والياً من قبله على البصرة ثلاث سنين.
هذا. وابن تيمية لم ينكر كون الرجل من الأشقياء، وإنما قال في جواب العلاّمة ما نصّه:
«فالجواب: إن عبد اللّه بن عامر له من الحسنات والمحبّة في قلوب الناس ما لا ينكر… وإذا فعل منكراً فذنبه عليه. فمن قال: إن عثمان رضي بالمنكر الذي فعله»(8).
قلت: بل ذكرت الكتب والروايات أن أعماله في البصرة كانت بأمر من عثمان.
(1) الإستيعاب 1 / 366 ترجمة حكيم بن جبلة.
(2) الإنساب 5 / 57، المعارف: 84 و 194، الإصابة 5 / 60.
(3) تاريخ اليعقوبي 2 / 168.
(4) تاريخ الطبري 3 / 373، الكامل 3 / 149.
(5) تاريخ الطبري 3 / 410.
(6) تاريخ الطبري 3 / 377، الكامل 3 / 178.
(7) البداية والنهاية 7 / 206.
(8) منهاج السنّة 6 / 248.