وكذلك كذّب به ابن روزبهان قائلاً: «ضرب عثمان عبد اللّه بن مسعود مما لا رواية فيه أصلاً إلا لأهل الرفض، وأجمع الرواة من أهل السنّة أن هذا كذب وافتراء، وكيف يضرب عثمان عبد اللّه بن مسعود وهو من أخصّ أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ومن علمائهم…»(1).
قلت: وهذا هو الإشكال، ورواة الخبر من أهل السنة لا من الروافض، فإن كانوا كاذبين على عثمان فما ذنبنا؟ بل القضيّة ثابتة لورودها في أخبارنا أيضاً، لكن القوم يسعون للستر على عثمان، ويشهد بذلك الاعتذار له بالأعذار المختلفة، كقولهم: إن للإمام تأديب غيره، وقولهم: إن الذي ضربه بعض موالي عثمان لمّا سمع وقيعته فيه، وقولهم: كلّ منهما مجتهد فلا يعترض بما فعله أحدهما مع الآخر… .
هذا، والذي يستفاد من الروايات: تعدّد السبب في ضرب ابن مسعود ـ بل تكرّره أيضاً ـ لأن ابن مسعود قد خالف عثمان وقام بما يغضبه عليه في أمور متعدّدة مهمّة:
1 ـ قضيّة دفن أبي ذر الغفاري في الربذة، لأن من الطبيعي أن يتأذّى عثمان من تجهيز ودفن من نفاه، لا سيّما والقائم بذلك هو ابن مسعود صاحب المقام الجليل بين الصّحابة، لأن في ذلك ردّاً واضحاً على عثمان وما فعله بأبي ذر.
2 ـ قضيّة حرق المصاحف. وهي قضية معروفة ثابتة، وموقف ابن مسعود ممّا فعله عثمان واضح معروف لا يمكن لأحد إنكاره.
3 ـ قضيّة تصرّف عثمان في بيت المال وإيثاره أهله وذويه بأموال المسلمين، فقد كان ابن مسعود من جملة المعترضين والناقمين كسائر كبار الصحابة والتابعين.
(1) انظر: دلائل الصدق 3 / 273.