العصمة لغةً و اصطلاحاً
والعصمة في كتب اللغة هي «المنع» ففيها: عصم أي منع(1).
وقد وردت هذه اللفظة في مواضع من القرآن الكريم، كقوله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَميعًا وَلا تَفَرَّقُوا)(2) وقوله عن لسان ابن نوح (سَآوي إِلى جَبَل يَعْصِمُني مِنَ الْماءِ) فأجابه أبوه (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ)(3).
وقد فسّر الراغب الإصفهاني الكلمة بقوله: «عصم، أي مسك»(4) والمسك أخصّ من المنع، والظّاهر أنّه أدق من كلام اللغويين، وهو الأوفق لما يذهب إليه أهل الكلام في تعريف العصمة.
قال العلاّمة قدس سره «العصمة لطف خفيّ يفعل اللّه تعالى بالمكلَّف، بحيث لا يكون له داع إلى ترك الطّاعة وارتكاب المعصية، مع قدرته على ذلك»(5).
فالعصمة هي لطف خفيٌّ أي باطني.
يفعله اللّه بالمكلّف، أي: هو من فعل اللّه ولا يحصل بالإكتساب من المكلّف، ولذا جاء في كلام الشيخ المفيد البغدادي وغيره: «لطف يفعله اللّه…»(6).
بحيث لا يكون له داع… أي: ذلك اللّطف حالةٌ معنويةٌ في المعصوم لا تدعوه نفسه معها إلى ترك الطّاعة وارتكاب المعصية، فكأنها ممسكة لنفسه… .
مع قدرته على ذلك، أي: فهو مختار غير ملجأ، ولذا قال السيد المرتضى «فيختار العبد عنده الامتناع من فعل القبح، فيقال على هذا: إن اللّه عصمه. بأنْ فعل له ما اختار عنده العدول عن القبيح»(7).
فهذا كلام علماء الإمامية في تعريف العصمة باختصار.
(1) تاج العروس 17 / 481، لسان العرب 9 / 244.
(2) سورة آل عمران: الآية 103.
(3) سورة هود: الآية 43.
(4) المفردات في غريب القرآن «عصم»: 336.
(5) الباب الحادي عشر: 37.
(6) النكت الاعتقادية (في سلسلة المؤلَّفات) 10 / 37.
(7) الأمالي 2 / 347.