البرهان الثاني
قال قدس سره: «البرهان الثاني: قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ).
اتّفقوا على نزولها في علي عليه السلام.
روى أبو نعيم الحافظ من الجمهور، بإسناده عن عطيّة، قال: نزلت هذه الآية على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في عليّ (بن أبي طالب عليه السلام).
ومن تفسير الثعلبيّ، قال: معناه بلِّغ ما اُنزل إليك من ربّك في فضل عليّ; فلمّا نزلت هذه الآية، أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بيد عليّ، وقال: مَن كنت مولاه فعلي مولاه.
والنبيّ صلّى اللّه عليه وآله مولى أبي بكر وعمر وباقي الصحابة بالإجماع، فيكون عليّ عليه السلام مولاهم، فيكون هو الإمام.
ومن تفسير الثعلبيّ، قال: لمّا كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بغدير خُمّ، نادى الناس فاجتمعوا، فأخذ بيد عليّ عليه السلام، فقال: من كنت مولاه فعليٌّ مولاهُ، فشاع ذلك وطار في البلاد، وبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهريّ، فأتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله على ناقته، حتّى أتى الأبطح، فنزل عن ناقته فأناخها وعقلها، وأتى النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وهو في ملأ من أصحابه، فقال: يا محمّد! أمرَتنا عن اللّه أن نشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأنّك رسول اللّه، فقبلناه منك، وأمرتَنا أن نُصلّي خمساً فقبلناه منك، وأمرتَنا أن نصوم شهراً فقبلناه منك، وأمرتنا أن نُزكّي أموالنا فقبلناه منك، وأمرتنا أن نحجّ البيت فقبلناه، ثمّ لم ترضَ بهذا حتّى رفعتَ بضبْعَي ابن عمّك ففضّلتَه علينا وقلت: «مَن كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه»; فهذا شيءٌ منك أم من اللّه؟
فقال: والذي لا إله إلاّ هو إنّه من أمر اللّه; فولّى الحارثُ بن النعمان يريد راحلته وهو يقول: اللهمّ إن كان ما يقول محمّد حقّاً فأمْطِرْ علينا حجارةً من السماء أو ائتِنا بعذاب أليم.
فما وصل إليها حتّى رماه اللّه بحجر، فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله، وأنزل اللّه تعالى: (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذاب واقِع * لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ).
وقد روى هذه الرواية النقّاش من علماء الجمهور في تفسيره.
Menu