المنهج الثاني في الأدلّة المأخوذة من القرآن والبراهين الدالة على إمامة علي من الكتاب العزيز
وهي أربعون برهاناً
قال قدس سرّه: الأوّل: قوله تعالى:
(إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ)(1)، وقد أجمعوا على أنّها نزلت في عليّ عليه السلام.
قال الثعلبيّ بإسناده إلى أبي ذر، قال: سمعتُ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بهاتَيْن وإلاّ فصُمّتا، ورأيتُه بهاتَيْن وإلاّ فعميتا، يقول: عليٌّ قائد البَرَرة وقاتل الكَفَرة، منصورٌ مَن نصره، مخذولٌ مَن خَذَله، أما إنّي صلّيتُ مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يوماً صلاةَ الظهر، فسأل سائل في المسجد، فلم يُعطِه أحدٌ شيئاً، فرفع السائل يده إلى السماء، وقال: اللهمّ اشهَد أنّي سألتُ في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فلم يُعطِني أحد شيئاً! وكان عليّ عليه السلام راكعاً، فأومأ إليه بخُنصره اليمنى ـ وكان يتختّم بها ـ فأقبل السائل حتّى أخذ الخاتم من خُنصره، وذلك بعين النبيّ صلّى اللّه عليه وآله. فلمّا فرغ من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهمّ إنّ موسى سألك فقال: (رَبِّ اشْرَحْ لي صَدْري * وَيَسِّرْ لي أَمْري * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِساني * يَفْقَهُوا قَوْلي * وَاجْعَلْ لي وَزيرًا مِنْ أَهْلي * هارُونَ أَخي * اشْدُدْ بِهِ أَزْري * وَأَشْرِكْهُ في أَمْري) فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطانًا فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا) اللهمّ وأنا محمّد نبيّك وصفيّك; اللهمّ فاشرح لي صدري ويسّر لي أمرى، واجعل لي وزيراً من أهلي عليّاً اشدُد به ظهري!
قال أبوذر: فما استتمّ رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه وآله حتّى نزل عليه جبرئيل عليه السلام من عند اللّه تعالى فقال: يا محمّد، إقرأ! قال: وما أَقرأُ؟ قال: إقرأ: (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ).
ونقل الفقيه ابن المغازليّ الواسطيّ الشافعيّ عن ابن عبّاس، أنّ هذه الآية نزلت في عليّ عليه السلام;
والوليّ هو المتصرّف، وقد أثبت له الولاية في الآية، كما أثبتها اللّه تعالى لنفسه ولرسوله صلّى اللّه عليه وآله.
(1) سورة المائدة: 55 .